المتقدم ربما يخلق لدى هذا الأخير نوعا من المساس بكرامته ، إن صح التّعبير ، قد يتحرك في نفسه غضب مشروع ، حين يرى نفسه متساويا مع آخر أدنى منه أخلاقيا.
والحقّ أنّ الأعتراض من هذا الجانب العاطفي ليس دقيقا ، لأنّه ليس عسيرا أن نجيب عليه بأنّ مسألة المنافسة لا موضع لها في جنّة الله. وقلوب السّعداء منزوع منها كلّ حقد ، أو تحاسد فيما بينها : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) (١) ، وبأنّه ، حتّى في هذه الحياة ، يجب استبعاد كلّ أثرة بين السّلف ، والخلف ، وبخاصة من ناحية الأولين ؛ فإنّ الآباء يشهدون دائما أنّهم لا يجدون سوى الرّضا الكامل ، حين يرون أولادهم يتمتعون بمثل ما ذاقوا من سعادة ، إن لم يكن بأكثر منه.
ولكن ، لنفترض أنّ العالم كلّه قد حصل على هذا الرّضا ، أفترضى العدالة في ذاتها بهذا؟ .. ولما ذا الإحسان إلى بعض النّاس ، وعدم الإحسان إلى الآخرين بنفس القدر؟ ... ألم يكن للكرم أيضا حقّ في عدم المحاباة؟ ..
لقد كان هدف جميع محاولات المفسرين أن يسوغوا الحكم الإلهي الّذي يسوي «في الواقع» بين طرفين غير متساويين «في الحقّ» ، بحسب طبيعتهما الخاصة ، وبدا لنا أكثر مشروعية ـ قبل أن نحاول تقديم تسويغ ـ أن نسأل أنفسنا أوّلا عما إذا كانت مساواة من هذا القبيل مستفادة من النّص المذكور.
إننا حين نرجع إلى النّص العربي نلاحظ أنّ كلمة (ألحق) يمكن أن تفسر
__________________
(١) الحجر : ٤٧.