فما دور هذا التّدخل ، وما أهميته؟ إذا حكمنا عليه قياسا على ما يحدث أمامنا في هذه الدّنيا فسوف نقول بأنّ مصير المشفوع له يمكن أن يتعرض لتغيير جذري أو لتعديل ، تحت إلحاح الشّفيع ، أو ضغطه. وأنّ هذا المصير سوف يكون شيئا آخر غير ما يستحق ، وغير ما كان قد قدر بدون هذا التّدخل. وإذن ، فهو فضل غير مستحق ، أو جزاء يأتي من خارج. وفكرة الشّفاعة بهذه الصّورة تتضمن أخطاء فادحة ، إنّها من صميم الوثنية العربية الّتي كانت مهمة الإسلام الأولى أن يجاهدها ، والّتي وقف القرآن ضدها من أوله إلى آخره. واقرأ معي هذه الآيات الكريمة :
(مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (١).
(ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) (٢).
(وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) (٣).
(لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) (٤).
(وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (٥).
__________________
ـ ٥٨٥ ح ٣٦١٥ ، سنن الدّارمي : ١ / ٣٩ ح ٤٧ ، مجمع الزّوائد : ٨ / ٢١٥ ، السّنن الكبرى : ٤ / ٤٠١ ح ٧٦٩٠ ، مسند أحمد : ١ / ٤ ح ١٥ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ١ / ٤٥ ح ١١١ ، التّأريخ الكبير : ٧ / ٤٠٠ ح ١٧٤٨.
(١) البقرة : ٢٢٥.
(٢) يونس : ٣.
(٣) الرّعد : ٤١.
(٤) طه : ١٠٩.
(٥) الأنبياء : ٢٨.