الإسلام» (١) ، فهل يكفي إذن أن يكون القانون منشورا ، ومعلوما في وسط معين لكي تثبت مسئولية كلّ من يعيشون في هذا الوسط ، على الرّغم من جهل بعضهم؟ ..
والحقّ أنّ الفقهاء قد قيدوا مدى تطبيق هذا المبدأ ، لأنّه لا ينطبق ـ من ناحية ـ إلّا على المسلمين بالميلاد ، ممن يعيشون في مجتمع يمارس واجباته الدّينية (أي أنّ من يعتنق الإسلام حديثا معذور في الجهل بالقانون). وهو لا يصدق ـ من ناحية أخرى ـ إلّا على القواعد العامة ، ذات الوضوح المؤكد ، بعامة ، لا على التّفاصيل الّتي قد تفوت غير المتخصصين.
بيد أنّ هذه التّحفظات جميعها لا تقدم لنا سوى إحتمال كبير ، وقرينة قوية على علم كلّ فرد ، دون أن تفيدنا يقينا ، ويبقى دائما أن نسأل : على أي مبدأ من مبادىء العدالة تقوم مسئولية من يجهل فعلا واجبه ، في حالة معينة ، حتّى ولو عرفه كلّ النّاس في مكانه؟
لا شك أنّ من الأمور الملزمه بالنسبة لي أن أنور ضميري ، وأن أستعلم عن واجباتي كلّما جهلتها ، ولا يتحتم لهذا أن أواجه مشكلة بعينها. ولكن هناك حالات أعتقد فيها ، بكلّ صدق ، أنّ العمل الّذي ألزم نفسي به ، أو أمتنع عنه ليس سوى عمل فطري طبيعي لا ينشأ عن أي تحريم ، أو تكليف ، وذلك بإستثناء حالة الجهل الإرادي الخاطىء الّذي يقدم عليه الفاسق ، الّذي يتحدث عنه
__________________
(١) ورد النّص هكذا : (لا يعذر بالجهل في دار الإسلام) كما جاء في حاشية ردّ المختار لابن عابدين : ٢ / ٤٠٧ و : ٦ / ٥٤٤.