في الحياة ، وفي الأمن. سوف تضمن لنا هذه المعاني ـ على الأكثر ـ إنّه لن يعود إلى الجريمة ، ولكنها لا تستطيع أن تضمن إنّه لن يكون قدوة تحتذى من أولئك الذين يعملون على أتباعه ، وإذن فإنّ هناك ضرورة مزدوجة ، خارج الأمر الأخلاقي ، أو مبدأ العدالة المجرد ، هذه الضّرورة تفرض نفسها على أنّها محتومة ، وهي تنظر إلى الماضي وإلى المستقبل معا ، وتتطلب تطبيق العقوبة ، حتّى عند ما يصبح جانب المبدأ الأخلاقي مستوفي راضيا بطريقة أخرى. هذه الضّرورة المزدوجة هي ـ من ناحية ـ إقتضاء شرعي من الأفراد ذوي الشّأن في العمل ، وهم الذين أهينت مشاعرهم نتيجة الشّر الحادث ، وهي من ناحية أخرى : حفاظا على النّظام العام ، وصيانة للمجتمع ضد العدوى الأخلاقية ، حين لا يعاقب الشّر بمثله ، وتوقيا من تشجيع الشّر ، إذا ما بقي المذنب دون عقاب.
بيد أنّ البون بين الجانب الأخلاقي ، والجانب القانوني ـ يصبح شاسعا ، بمجرد إنتقالنا من المسئولية العقابية إلى المسئولية المدنية.
ولا شك أنّ ذلك غير ناشىء عن أنّ الطّابع الشّخصي قد إختفي تماما ، ولا عن أنّ النّشاط الإرادي لم يعد شرطا ضروريا في المسئولية ، ليس هذا مطلقا هو الموقف في الشّريعة الإسلامية ، ولا ينبغي أن يعترض علينا بمثال المغتصب الّذي يستحل شيئا لا يخصه ، ويستخدمه مخالفا بذلك القانون ، ثم يعتبر مسئولا عن كلّ ما يحدث لهذا الشّيء ، حتّى لو كان طارئا ، ووقع بمحض الصّدفة. ذلك أنّ عمله الأولي ـ ما دام قد اتسم بسمة العدوان ، وسوء النّيّة .. فمن العادي جدا أن تكون جميع نتائجه الطّبيعية داخلة فيه.
ولكن إذا ما نحينا هذه الحالة جانبا ، فإنّ كلّ مسئولية مباشرة تتطلب من جهة