عن غفلة ، ضد نفس الغير ، أو ماله. يقول ابن حزم : «ولا يختلف إثنان من الأمّة في أنّ من رمى سهما يريد صيدا ، فأصاب إنسانا ، أو مالا ، فأتلفه ، فإنّه يضمن ، ولو أنّه صادف حمار وحش يجري ، فقتل إنسانا ، أو سقط الحمار إذ أصابه السّهم ، فقتل إنسانا ، فإنّه لا يضمن شيئا» (١).
ومن هنا كانت المسئولية المدنية على الطّبيب ، أو كما يعبر حديث لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ مسئولية من يمارس الطّب ولم يكن من قبل معروفا أنّه طبيب ، فقال : «من تطبب ، ولم يعلم منه قبل ذلك الطّب فهو ضامن» (٢).
ومن هنا أيضا ـ تبعا لأغلب المذاهب ـ كانت مسئولية مالك الماشية الّذي يهمل في حبس قطيعه ، أو حفظه ، حين ينتج عن هذا الأهمال أن تهرب الحيوانات ، وتتلف حقول الجيران ، وهي حالة معروفة كذلك في تأريخ ما قبل الإسلام ، وأشار إليها القرآن في قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) (٣).
__________________
(١) انظر ، المحلى : ١١ / ٣.
(٢) انظر ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد : ٢ / ٤٥٤ طبعة مكتبة الكليات الأزهرية ١٩٦٦ م ـ قال : وقد ورد في ذلك مع الإجماع حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ـ وذكر الحديث. انظر ، المستدرك على الصّحيحين : ٤ / ٢٣٦ ح ٧٤٨٤ ، سنن البيهقي : ٨ / ١٤١ ، سنن الدّارقطني : ٣ / ١٩٥ ح ٣٣٥ و ٣٣٦ و : ٤ / ٢١٥ ح ٤٢ و ٤٣ ، سنن أبي داود : ٤ / ١٩٥ ح ٤٥٨٦ ، السّنن الكبرى : ٤ / ٢٤١ ح ٧٠٣٤ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ١١٨٤ ح ٣٤٦٦ ، عون المعبود : ١٢ / ٢١٥ ، شرح سن ابن ماجه : ١ / ٢٤٨ ، فيض القدير : ٦ / ١٠٦ ، حاشية السّندي : ٨ / ٥٣ ح ٤٨٣٠ ، سبل السّلام : ٣ / ٢٥٠ ، نيل الأوطار : ٦ / ٣٦.
(٣) الأنبياء : ٧٨ ـ ٧٩.