القرآن ، أولاهما : أنّ الكفار الّذين يدخلون في الدّين الحقّ معفون من كلّ إجراء إصلاحي للماضي ، كأنّما كان لهذا التّحول إلى الإيمان فضل تطهيرهم من جميع الذنوب الّتي سلفت ، قال تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) (١).
وثانيتهما : أنّ تأثير التّوبة النّصوح ، الّتي تحدث بشروطها المطلوبة ، ما كان لينهار بسبب العودة المحتملة إلى الذنب ، (وهو أمر ممكن ، حتّى مع العزم الشّديد الآن) ، فهي حالة عارضة ، وعلينا أن نكرر جهودنا للصلاح ، دون أن نيأس أبدا ، والله سبحانه يقول : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٢) ، ويقول : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) (٣) ، ويقول : (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) (٤). والأحاديث أكثر صراحة في هذا الباب. ولنقرأ هذا الحوار الّذي ورد به الحديث القدسي : «قال الشّيطان : وعزتك يا رب ، لا أزال أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، قال الله : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» (٥).
__________________
(١) الأنفال : ٣٨.
(٢) الأنفال : ٣٣.
(٣) الزّمر : ٥٣ ـ ٥٤.
(٤) الشّورى : ٢٥.
(٥) انظر ، مسند أحمد من طريق أبي سعيد الخدري ، ونصه : «قال النّبي صلىاللهعليهوسلم : قال إبليس : أي رب ، لا أزال أغوي بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسادهم. قال : فقال الرّب عزوجل : لا أزال أغفر لهم ما ـ