(لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ) (١) ، وبمنته الإيجاز : يضمن لهم السّلام : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) (٢) وللجنّة في لغة القرآن مرادف هو (دارُ السَّلامِ) (٣).
لكن ذلك ليس إلّا جانبا سلبيا ، والنّاس لا يبدو عليهم الرّضا الكامل لمجرد أنّهم لا يتألمون فعلا ، فلقد أظهرت الإنسانية في كلّ زمان اتجاهها الطّبيعي إلى أن توفر لنفسها نسبة معينة من الرّفاهية الإيجابية ، وإلى أن تحسن ظروف حياتها.
وليس للعلم ، أو الصّناعة من غاية في سعيهما غير هذه الغاية ، وهو أمر يمكن تسويغه من جانب آخر ، إذا ما لاحظنا أنّ كلّ تحسين يطرأ يجب أن يكون إدخارا لجهد مادي ، وفرصة إضافية لأزدهار الرّوح في آن واحد.
ومن أسف أنّ الصّراع من أجل رفاهية الحياة ليس قريبا من النّهاية ـ على الرّغم من تقدم العلم ، وإبداع الفن ، بل وربما كان ذلك بسبب هذا التّقدم ، وذلك الإبداع!!. فالصراع يزداد على العكس ، بنسبة التّقدم والإبداع ، وكلّما كسب الإنسان نقطة أثارت شهيته إلى درجة أرقى ، ولكي يبلغها يجب أن يلجأ إلى نظام للآلة ، يزداد كلّ حين تعقيدا. ومن هنا كانت ضرورة الأبحاث الجديدة ، والجهود المتجددة ، وهكذا إلى ما لا نهاية له.
والأمر كذلك إذا ما أريد الإبقاء على الأشياء في الحال الّتي بلغتها ، فمن الضّروري أن نرقبها ببذل مزيد من الجهد في المحافظة عليها دائما ، حتّى نمنع
__________________
(١) الحجر : ٤٨ ، فاطر : ٣٥ ، الواقعة : ٨٩.
(٢) الحجر : ٤٦ ، وسورة ق : ٣٤ ، الواقعة : ٩١.
(٣) الأنعام : ١٢٧ ، يونس : ٢٥.