عذاب الهاوية قائلا : «يا أبي إبراهيم ، ارحمني ، وأرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء ، ويبرد لساني ، لأنّي معذب في هذا اللهيب» (١) ، ونقرأ في رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي : «وأمّا الخائفون ، وغير المؤمنين ، والرّجسون ، والقاتلون ، والزّناة ، والسّحرة ، وعبدة الأوثان ، وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار ، وكبريت» (٢).
وعلى الرّغم من أنّ الكنيسة لم تقل شيئا عن طبيعة النّار ، فإنّها تقرر أنّها نار واقعية ، لها سماتها من : اللهب ، والجمر ، والأوار الّذي لا يخمد ... إلخ ..
وإذن ، فقد كان (ديكارت) على حقّ حين اعترض على نظرية بعض اللاهوتيين الّذين كانوا يقولون : (إنّ الله يخيب أمل المعذبين عند ما يقر في أذهانهم أنّهم يرون ، ويستشعرون نار الجحيم الّتي تحرقهم ، وإن لم يكن موجودا منها شيء في الواقع) ، ويرد (ديكارت) على ذلك بقوله : (إنّ الله لا يمكن أن يكون خادعا ، إذ كيف يمكن أن نؤمن بأمور أوحاها الله إلينا إذا كنّا نظن أنّه يخدعنا أحيانا؟ .. أنّ شعور المعذبين ليس خيبة أمل ، بل هم معذبون حقا بالنار ، لأنّ الله قادر على أن يجعل الرّوح تذوق آلام النّار المادية بعد الموت ، كما كانت تحس بها قبله) (٣).
ومع أنّ الإشارة إلى الجنّة كانت أقل ترددا في العهد الجديد من موضوع النّار ، فإنّها تحمل كثيرا طابع السّعادة الحسية ، بجانب السّعادة الرّوحية.
__________________
(١) انظر ، إنجيل لوقا : ١٦ / ٢٤.
(٢) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٢١ / ٨.
(٣) انظر ، ديكارت : ١ ـ Reponses aux ٥ emes objections.