ولقد رأينا آنفا توسلات الغني الخبيث ، يلتمس قليلا من الماء ليبل لسانه. ولذلك يقرر يسوع في أكثر العبارات صراحة ، وعموما : «وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتا ، لتأكلوا ، وتشربوا على مائدتي في ملكوتي ، وتجلسوا على كراسيّ تدينون أسباط إسرائيل الإثني عشر» (١) ، «وقال أيضا للذي دعاه : «إذا صنعت غداء ، أو عشاء ... فادع المساكين ، الجدع ، العرج ، العمي ، فيكون لك الطّوبى ، إذ ليس لهم حتّى يكافئوك ، لأنّك تكافي في قيامة الأبرار» (٢) ، وأكثر من ذلك تحديدا أيضا قوله في آخر إجتماع له مع حوارييه : «وأقول لكم : إنّي من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة ، هذا إلى ذلك اليوم ، حينما أشربه معكم جديدا في ملكوت أبي» (٣) ، وقد عبر عن فكرة مماثلة لهذه بمناسبة تناول القربان المقدس ، قال : «شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم ، لأنّي أقول لكم : إنّي لا آكل منه بعد ، حتّى يكمل في ملكوت الله ...» (٤).
بيد أنّ الجانب الحسي من نعيم الجنّة أكثر ظهورا في رؤيا القديس يوحنا : «من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة الّتي في وسط فردوس الله (٥) ، من المنّ المخفى (٦) من يغلب فذلك سيلبس ثيابا بيضا (٧) ، أنا أعطي العطشان من
__________________
(١) انظر ، إنجيل لوقا : ٢٢ / ٢٩ ـ ٣٠.
(٢) انظر ، إنجيل لوقا : ١٤ / ١٢ ـ ١٤.
(٣) انظر ، إنجيل متى : ٢٦ / ٢٩ ، ومرقص : ١٤ / ٢٥ ، ولوقا : ٢٢ / ١٨.
(٤) انظر ، لوقا : ٢٢ / ١٥ و ١٦.
(٥) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٢ / ٧.
(٦) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٢ / ١٧.
(٧) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٣ / ٥.