ينبوع ماء الحياة مجانا (١) ، لن يجوعوا بعد ، ولن يعطشوا بعد ، ولا تقع عليهم الشّمس ، ولا شيء من الحرّ ...» (٢).
واقرأوا وصف القدس الجديدة لنفس المؤلف ، كتب يقول :
«والمدنية ذهب نقيّ شبه زجاج نقي ، وأساسات سور المدينة مزينة بكلّ حجر كريم» (٣). ومن هناك شجرة حياة تصنع إثنتي عشرة ثمرة ، وتعطي كلّ شهر ثمرها ...» (٤) إلخ ...
هل يقال : إنّ هذه رؤيا قديس شجعته في ذلك العصر التّعاليم الأخروية الّتي قالت بها اليهودية؟ .. (٥) ... هذا ممكن ، ولكنه أحد أمرين : إمّا أنّ الرّؤيا وهم شعري ، ومحض خيال حالم ، وإمّا أنّها تتطابق مع شيء من الواقع ، لا أقول : إنّها أدركت كلّ شيء ، ولكن أقول : إنّها تقترب ، وتوجز ، لأنّه كما قيل : «إنّ الأشياء الّتي أعدها الله لمن يحبونه أشياء لم ترها العين ، ولا سمعتها أذن ، ولا خطرت على قلب إنسان» (٦) فهي إذن أشياء سوف تراها العين ، وتسمعها الأذن ، وسوف تمس القلب.
والحقّ أنّه لا يوجد نصّ يؤكد تشابه الحياتين ، ولكن لا يوجد نصّ يمنع إمكان نوع من الإستمرار بينهما ، بل إننا نقول : إنّ هذا الإستمرار شرط في تيسير
__________________
(١) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٢١ / ٦.
(٢) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٧ / ١٧.
(٣) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٢١ / ١٩ ـ ٢٠.
(٤) انظر ، رؤيا يوحنا اللاهوتي : ٢٢ / ١.
(٥) انظر ، ١ ـ Fillion ,Vie de N.S.Jesus T.III p.٨٥
(٦) انظر ، ١ ـ St.Paul Corin II p.٩.