جنبا إلى جنب. بيد أنّها تبدأ في الإفتراق منذ أن يصبح الأمر متعلقا بعمل شعوري وإرادي ، ولكن يفتقر إلى النّيّة ؛ أي : حين يدور القانون على جانب منه ، وتدور الإرادة على جانب آخر ، بحيث إنّه ، على الرّغم من كونه من النّاحية المادية يمكن إعتباره متفقا مع القانون ، أو مخالفا له ، فإنّه لا يمكن أن يكون كذلك من حيث الرّوح الّتي تمّ بها ، وتلك هي حالة القتل الخطأ ، أو أي حدث يتم بنّيّة حسنة ، ولكنه يسبب أضرارا للآخرين.
فعلى حين يعلن القانون الأخلاقي ، كما يعلن قانون العقوبات من جانب آخر : أنّ أعمالنا لا تنسب إلينا إلّا بقدر النّيّة الّتي نؤديها بها ، فإنّ القانون المدني يحاول أن ينفذ هنا نوعا من الحل الوسط : فهو ، وإن كان يبرىء الشّخص ، يستخدم جزءا من ثروته لإصلاح الضّرر الّذي تسبب فيه.
هذه الإعتبارات الّتي قدمناها من وجهة نظر المسئولية ، والجزاء ، يجب أن نعيد تناولها هنا من وجهة نظر التّصديق على الفعل ، فمن هذه الزّاوية الأخيرة يبدو أنّ ما وصلنا إليه من نتائج يتعرض للنقض ، أو الهجوم ، في مواضع مختلفة ، حيث يظهر الشّرع الإسلامي قانعا بما حصل من نتيجة ، حتّى لو كانت تحدث ضد نيّتّنا ، أو حتّى دون علمنا.
ويمكن تشبيه ذلك بسداد دين معين عن طريق طرف ثالث ، دون أن يقوم هذا الأخير بإخطار المدين ، أو يسترجع ماله منه.
وحتّى لو أنّ الدّائن لجأ إلى تصرفات قاسية ، فبلغ به الأمر أن ينتزع حقه إنتزاعا ، فلن يعود له شيء يطالب به.