ومن الممكن أن يتم أداء الأمانة ، والمساعدة المادية للمعوزين ، في نفس الظّروف. حتّى إنّه في حالة رفض الأغنياء أن يدفعوا زكاة العشر ، فإنّ الحكومة تستطيع ، بل يجب عليها ، أن تتصرف بكلّ أنواع الضّغط على الأغنياء ، حتّى تضمن للفقراء حقهم. ولا شك أننا نعرف خبر المعركة القاسية الّتي خاضها الخليفة الأوّل أبو بكر رضي الله عنه في هذا الشّأن (١).
__________________
(١) كان ذلك من أسباب حروب الرّدة ، وقد قال أبو بكر رضى الله عنه آنذاك : «والله لأقاتلن من فرق بين الصّلاة والزّكاة ، فإنّ الزّكاة حقّ المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقاتلتهم على منعها» ـ البخاري ـ باب وجوب الزّكاة. (المعرب). انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٥٠٧ ح ١٣٣٥ و ١٣٨٨ و : ٦ / ٢٥٣٨ ح ٦٥٢٦ و ٦٨٥٥ ، صحيح مسلم : ١ / ٥١ ح ٢٠ ، صحيح ابن حبّان : ١ / ٤٤٩ ح ٢١٦ ، المستدرك على الصّحيحين : ١ / ٥٤٤ ح ١٤٢٧ ، سنن التّرمذي : ٥ / ٣ ح ٢٦٠٧ ، مجمع الزّوائد : ٦ / ٢٢٥.
إذا أراد المعرب من حرب الرّدة حرب مسيلمة الكذاب ، وسجاح ، والأسود العنسي ، وأتباعهم فصحيح ، وإن أراد معنى أعم من ذلك بحيث يشمل وقعة مالك بن نويرة ، فمحكمات التّأريخ خلاف ذلك. ، فهولاء امتنعوا عن دفع الزّكاة بعد وفاته صلىاللهعليهوآله ، ومرد ذلك إلى عدم الخضوع لأبي بكر ، والإمتناع عن بيعته لا الإمتناع عن أداء الزّكاة ، وعدم قبولهم الصّلاة كما وصفوهم ، ولذا حاربهم أبو بكر ، وسلط عليهم السّيف بحجة أنّهم مرتدون ، وسموا جميع حروبه حتّى للمتنبئين ، والمشركين الّذين كانوا خارج المدينة «بحروب الرّدة» ، علما بأنّ الرّدة كانت في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله كما حدث لعبد الله بن سعد بن أبي سرح الّذي أسلم ، وهاجر إلى المدينة ... ، ثمّ ارتد مشركا ، وصار إلى قريش بمكّة ... وقد أهدر رسول الله صلىاللهعليهوآله دمه ، وأمر بقتله ، ولو وجد متعلقا بأستار الكعبة ...
ولكنه فرّ إلى عثمان أخيه من الرّضاعة فغيبه عنده مدة ، ثمّ ولاه في زمن خلافته مصر. انظر ، الإستيعاب : ٢ / ٣٦٧ برقم : ٤٧١١ ، الإصابة : ٢ / ٣٠٩.
وارتد في زمنه صلىاللهعليهوآله عبيد الله بن جحش زوج أمّ حبيبة بعد أن أسلم معها ، وهاجر إلى الحبشة فتنصر ، ومات على النّصرانية. انظر ، الإصابة : ١ / ١١.
وارتد كذلك عبد الله بن خطل الّذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة. المصدر السّابق. أمّا ارتداد مالك بن نويرة بن جمرة بن شداد التّميميّ اليربوعيّ ، كما يدعون فهو ليس بارتداد بالمعنى اللّغوي ـ أرجعه ، ـ