وقد استدعى هذا التّعديل انهيارا كلّيا ، أو جزئيا في صرح الواجب ، وانتهينا إلى ضرورة وجود هذه الشّروط لبناء عمل أخلاقي كامل.
بيد أنّ هذه الطّريقة ، الّتي هي نوع من الإستدلال بالمحال ، مع الإستعانة بتحليل للتجربة الأخلاقية ـ تقدم لنا بالأحرى جانبا سلبيا من المشكلة ، حين ترينا الآثار السّيئة ، الّتي قد يحدثها غياب أحد الجزءين ، أو انحرافه. إنّها لا تفيدنا شيئا من العلم بطبيعة إسهامه الإيجابي في تحقيق الخير. ومن أجل هذا الغرض سوف نعيد الآن وضع الأمور في تركيبها البدائي ، ولسوف نحاول ـ من خلال ملاحظتنا لهذه الطّبيعة المزدوجة للعمل الأخلاقي أثناء نشاطه ـ أن نقدر بقيمتها الحقة مختلف ضروب الخير الّتي يتعين على العمل الأخلاقي أن يوجدها في العالم ، أو في أنفسنا.
ومن المقرر عموما تقسيم الواجبات إلى : واجبات نحو النّفس ، وواجبات نحو الغير ، (والواجبات نحو الله ليست في نهاية الأمر سوى واجبات نحو أنفسنا ، فطاعتنا ، أو معصيتنا لا يمكن أن تزيدا ، أو تنقصا شيئا من العظمة الإلهية وقداستها). ولما كان هناك نوع من التّقارب بين مفهوم النّيّة ، ومفهوم الواجب الشّخصي ، كما يوجد ارتباط واضح بين العمل الظّاهر ، وعلاقاتنا الإجتماعية فإنّ من الممكن بادىء ذي بدء أن نقوم بنوع من توزيع الخصائص ، بأن نعين لهذين العاملين ، الدّاخلي ، والخارجي ، منطقتين مختلفتين من مناطق التّأثير ، ومن ثمّ نخرج إلى قيمة مساوية تقريبا ، للنّيّة ، وللعمل ، وإن كان ذلك من وجهتي نظر مختلفتين : فللنّيّة دورها في إثبات ، وتأكيد طهارة القلب ، وشرف النّفس ،