يحجز الفرد عن مقارفة الجريمة عند ما تراوده نفسه بمواقعتها ، وهو بحزمه وعدله يقطع اليد المجرمة عند ما تحدثها ، أيا كان صاحبها ، أو صاحبتها. قال تعالى : (جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١) ويقول الرّسول : «لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها» (٢).
ثم هو أخيرا يقرن الموقف القانوني بالوازع الأخلاقي : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣).
ولقد شرع هذا الحدّ عند ما كان عدد اللّصوص في المجتمع لا يتجاوز أصابع اليدين عددا ، فكان قطع يد واحدة عبرة لبقية الأيدي. فكيف ، واللّصوص أصبحوا طبقة منتشرة ، وذات فنون متنوعة؟
ألّا يقتضي هذا الوضع تحديدا جديدا لمفهوم السّرقة ، وتوسيعا لشروطها ، بحيث تنطبق على طبقات اللّصوص الجدد ، ويحقّ عليهم حدها؟؟
__________________
(١) المائدة : ٣٨.
(٢) حاشا لفاطمة عليهاالسلام أن تسرق ؛ لأنّها مشمولة بآية التّطهير (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ، الأحزاب : ٣٣ ، ثم لو صح الحديث عندكم فإنّه صلىاللهعليهوآله قال : «لو» وهو حرف امتناع لوجود ، وأراد صلىاللهعليهوآله ، أن يبين لهم ألّا تساهل في الأحكام الشّرعية ، وخاصة الحدود.
وهذا الحديث مشهور عند أهل السّنة كما جاء في تفسير ابن كثير : ٢ / ٥٨ ، صحيح مسلم : ٣ / ١٣١٥ ح ١٦٨٨ ، صحيح البخاري : ٣ / ١٢٨٢ ح ٣٢٨٨ ، وورد في لفظ : (إنّ بني إسرائيل كان إذا سرق منهم الشّريف تركوه ، وإذا سرق منهم الضّعيف قطعوه ، لو كانت فاطمة ...) كما جاء في صحيح البخاري : ٣ / ١٣٦٦ ، صحيح ابن حبّان : ١٠ / ٢٤٨ ح ٤٤٠٢ ، المستدرك على الصّحيحين : ٤ / ٤١٢ ح ٨١٤٥ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٣٧ ح ١٤٣٠ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٢٢٧ ح ٢٣٠٢ ، مجمع الزّوائد : ٦ / ٢٥٩ ، السّنن الكبرى للبيهقي : ٨ / ٢٥٣ ، سنن أبي داود : ٤ / ١٣٢ ح ٤٣٧٣.
(٣) المائدة : ٣٩.