في الشّرع ، ومعروفا بصفته هذه للذات ، وذلك هو تعريف هذه المجموعة الثّانية ، أو منطوقها نفسه ، (في مقابل المجموعة الثّالثة بخاصة).
ولكن يجب علاوة على هذا أن يكون الوعي بهذا الجواز شرطا «يكيف» حركة الإرادة نحو الغاية ، لا أن «يصاحبها» فحسب.
ويجب في هذا التّطابق بين الهوى والقاعدة ـ أنّ تقيد القاعدة تأثير الهوى ، وأن يكون هذا التّقييد مرضيا دون إكراه. وهنا نجد لونا يكاد يهرب أمام أعيننا ، ولكن من الضّروري بصفة مطلقة أن نحسب حسابه قبل العمل ، مخافة أن يرى المرء براءته تتحول إلى معصية.
ومن أجل هذه الضّرورة القصوى ، نجد أنّ القرآن عند ما ينظم بعض حالات الخروج على تحريم معين ، يؤكد تكليف من يريد استعمال هذا الحقّ ـ بأن يطمئن إلى أنّ استعماله لا يفرضه في الواقع ميل إلى الموضوع المحرم الّذي أبيح ، وهو قوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١).
كيف نميز ، في حالة كهذه ، الأصل من التّبع المقيد؟ ..
هاكم طريقة على الأقل ، يستطيع كلّ إنسان أن يتصرف فيها ، على تفاوت في فاعليتها ، وذلك بأن يغير المرء شروط تجربته ، ولو ذهنيا ، فيسأل نفسه عمّا قد يفعله لو أنّ القاعدة كانت تحرم منفعة كهذه. ولسوف يكون حظ الإجابة الّتي نحصل عليها في إعلامنا بدافعنا الحقيقي ، بقدر حظنا من التّجارب فيما مضى ،
__________________
(١) المائدة : ٣.