ولقد ترتب على هذا الوضع كثير من المشكلات الحيوية الّتي سبقت الإشارة إلى جانب منها ، وجوهرها هو انعدام فاعلية الفرد في مجالات كثيرة ، وهو وضع يحتم ضرورة إحداث ثورة أخلاقية ، تستهدف بناء الإنسان الأمل ، الإنسان المستقبل ، الإنسان الثّورة ، بكلّ ما يحمل من مطامح قريبة ، وبعيدة ، وبذلك تكتمل للوطن عدته ، لأرتياد آفاقه الحضارية المنشودة.
ومن العسير أن تقوم ثورة أخلاقية دون منهاج تترسمه ، والكتاب الّذي نقدمه اليوم يتضمن هذا المنهاج ، فهو (دستور الأخلاق في القرآن) ، وهو رسالة ضمير صادق الإيمان ، عميق الإدراك لمشكلات عالمه ، وبخاصة عالم العروبة والإسلام ، سديد النّظرة إلى ما جاء في القرآن من إشارات عميقة ، دقيق الحكم في كلّ ما قدم من مناقشات تفسيرية ، أو مقارنات فلسفية.
وما أحسب مؤلفه رضوان الله عليه إلا راضيا تمام الرّضا في برزخه ، وهو يشرف من الملأ الأعلى ليرى كلمته الصّادقة تتحرك من جديد ، بلغة القرآن ، لتسهم في صنع الحياة ، وبناء الإنسان المسلم الّذي لا يجد قدره إلا في مجالات الصّراع ، وميادين القتال ، ضد أعداء الله ، وأعداء الأخلاق القرآنية.
ولا ريب أنّ معركتنا مع الصّهيونية ، وحلفائها طويلة الأمد ، وأنّ أمضى أسلحة القتال هو أن نتسلح بالأخلاق الّتي تحرم الخيانة ، والتّهاون ، والتّفريط ، والغفلة أمام العدو ، وتفرض البذل ، والتّضحية بالنفس ، والمال ، وتؤكد على دوام اليقظة في مواجهة الخطر : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ