تدخل تحت القاعدة.
هنا لا تكون نيّة المثير أساسا عدوانية ، حتّى لو نتج عن هذه الحيلة بعض الأضرار بالنسبة إلى الآخرين ، فهو لم يسع في ضررهم ، بل سعى إلى فائدته الخاصة.
هذه الأنانية الّتي يفرضها على النّاس حبّهم المفرط للأعراض الدّنيوية ـ قد تبدو في صورتين ، إحداهما : يمكن أن تكون «سكونية» (استاتيكية) أو «محافظة» ، والأخرى «حركية» (ديناميكية) أو «محتكرة». وأقل أنواع الأنانية نشاطا هي تلك الّتي تحمل الإنسان على أن ينطوي على نفسه ، فتجعله قليل الإيثار ، قليل الإحسان ، ضنينا بما يملك ؛ على حين أنّ الأنانية الجشعة الجامحة لا تقنع بوضع سلبي ، وإنّما تمعن في جمع المكاسب ، والمنافع بكلّ وسيلة.
والحيل في الصّورة الأولى معروفة جيدا في الشّريعة الإسلامية ، كما عرفت نظمها ، وإنّا لنجدها مستفيضة في باب فريضة الزّكاة ، ومن الوسائل البسيطة للتهرب بالخديعة من هذا الواجب المقدس ، عند اقتراب موعد جباية الأموال ، أن يمزق المالك رأسماله بالمصروفات ، والقروض ، والإتفاقات ، والعقود ، بحيث يجعله أقل من الحدّ الأدنى للنصاب المفروض.
فما ذا يكون ردّ فعل الشّرع في مواجهة مثل هذه العمليات؟ ..
هذا يتوقف على النّيّة الّتي يعمل بها المالك ، فإن كان يصدر في هذه التّصرفات عما تقتضيه الحاجة الواقعية ، أو تحت ضغط ظروف غير مستثارة ـ فلا لوم عليه من النّاحية الأخلاقية ، وليس ذلك فحسب ، بل هو من النّاحية الشّرعية برىء معفو عنه. وأمّا إذا كان يفعل ذلك صراحة ليهرب من التّكليف بدفع زكاته ،