قال المحاسبي : «وأكثر العلماء يرون أنّه أشد الحديث ، إذ لم يجعل في سبيل الله إلّا من أخلص ، لتعلو الكلمة وحدها ، ولم يضم إليها إرادة غيرها» (١).
وروى النّسائي عن أبي أمامة الباهلي قال : جاء رجل إلى النّبي صلىاللهعليهوسلم فقال :
أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر ، والذكر ماله؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «لا شيء له ، ثمّ قال : إنّ الله لا يقبل من العمل إلّا ما كان له خالصا ، وابتغي به وجهه» (٢).
وأكثر من ذلك صراحة أيضا ذلك الإعلان الإلهي الّذي نقرؤه في حديث قدسي ، عن أبي هريرة رضى الله عنه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قال الله تبارك وتعالى : أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك ، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» (٣).
وهكذا نرى تبعا لهذه النّصوص أنّ جميع البواعث الّتي تنضاف إلى إرادة الطّاعة تعرض قيمة العمل للخطر ، وتحرمه من رضا الله تبارك وتعالى.
بيد أننا ينبغي أن نسأل أنفسنا إذا كانت النّفس حين تواجه هكذا بأشكال
__________________
ـ مسلم : ٣ / ١٥١٢ ح ١٩٠٤ ، المستدرك على الصّحيحين : ٢ / ١١٩ ح ٢٥٢٠ ، صحيح ابن حبّان : ١٠ / ٤٩٣ ح ٤٦٣٦ ، سنن التّرمذي : ٤ / ١٧٩ ح ١٦٤٦ ، جواهر الكلام : ٢١ / ٣٨٤ ، سنن البيهقي الكبرى : ٩ / ١٦٧ ، سنن أبي داود : ٣ / ١٤ ح ٢٥١٦ ، مسند أحمد : ٤ / ٣٩٢ ، وسائل الشّيعة : باب ٣ ح ٨.
(١) انظر ، الرّعاية الحقوق الله : ١٩٧ ، وفيه فيما يبدو خطأ مطبعي في قوله : (إذا لم يجعل) وما ذكرناه أنسب لأنّه تعليل. (المعرب).
(٢) انظر ، سنن النّسائي (المجتبى) : ٦ / ٢٥ ح ٣١٤٠ ، فتح الباري : ٦ / ٢٨ ، تحفة الأحوذي : ٥ / ٢٣١ ، فيض القدير : ٢ / ٢٧٥ ، السّنن الكبرى : ٣ / ١٨ ح ٤٣٤٨ ، الإصابة : ٥ / ٦٧١ ح ٧٥٣٩ ، التّرغيب والتّرهيب : ١ / ٢٣ ، المعجم الأوسط : ٢ / ٢٥ ح ١١١٢ ، المعجم الكبير : ٨ / ١٤٠ ح ٧٦٢٨.
(٣) انظر صحيح مسلم : ٤ / ٣٢٨٩ ح ٢٩٨٥ ، ونقله المؤلف : (تركته ، وشريكه) وهو مخالف لنصّ مسلم كما حققناه. (المعرب). وانظر ، جامع العلوم والحكم : ١ / ١٦ ، شرح النّووي على صحيح مسلم : ١٨ / ١١٥ ، كشف الخفاء : ٢ / ١٣٢ ح ١٨٩٥ ، نيل الأوطار : ٨ / ٣٥ ، تفسير القرطبي : ٥ / ١٨٠ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٣٢١ ح ٤٣٢٣.