بهذه الوسيلة أكبر عدد من المشايعين لها ، والعاملين بها. ولكنه ليس محظورا أن يرتضي المرء هذا الإنكشاف غير المتوقع ، والّذي لم يحاوله ، حين يرى فيه نوعا من الأجر الإلهي ، أو دليلا على أنّ مآثره الصّالحة أهل لإستحقاق رضوان الله.
أمّا فيما يتعلق بسرور الإنسان الطّبيعي بأن يكون مقدرا في النّاس ، فذلك معدود دائما نقصا بالنسبة إلينا ، ولكنه لا يعتبر محرما إلّا إذا توقفنا عنده وقنعنا به ، فإذا ما اختزل إلى شعور لا إرادي ، وعابر ، ترددنا في المبالغة في خطورته ، وهو ما لم يمنع الأنفس الكبيرة من أن تتألم منه ، وتود لو أفلتت من إساره تماما (١).
فإذا ما نحيت هذه الحالات ، فإنّ المشكلة الحقيقية تكون حين تسبق النّظرات النّفعية العمل ، ثمّ تصبح إلى حدّ معين من بين الأسباب الّتي تفرضه ، فذلك هو ما يطلق عليه بالمعنى الصّحيح : (اختلاط البواعث).
ولقد سبق أن قلنا : إنّ النّيّة المسبقة يجب أساسا أن تكون خالصة ، ليصدق عليها أنّها حسنة. ولكن أهذا الصّفاء المطلق واجب محتم ، لا يتضمن درجات ، ويعتبر إهماله حراما يتساوى في خطورته مع السّعي الخالص ، والمجرد إلى المنفعة؟. ثمّ نسأل أوّلا : هل الفطرة الإنسانيّة قادرة دائما على نوع من التّجرد كهذا ، وهل هي تضحي بنفسها تضحية كاملة من أجل مثلها الأعلى ، دون أن تجد فيه في الوقت نفسه ما يجذبها إليه؟.
__________________
(١) ومن ثمّ نقرأ في دعاء من أدعية السّنّة : «وأستغفرك لكلّ خير أردت به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك».
انظر ، قريب من هذا في جامع العلوم والحكم : ١ / ١٧ ، حلية الأولياء : ٢ / ٢٠٧.