الأخير سوف يصدر في ظروف توزن فيها أقل التّفاصيل الّتي للإنسان أو عليه ، أي أنّ شيئا مما يكون في صالحنا لن يضيع ، حتّى لو كان مثقال ذرة.
ولقد استطاع الغزالي ، إنطلاقا من هذا المبدأ القرآني أن يضع في هذا الموضوع نظرية راعت إلى حدّ كبير تنوع المواقف ، وهي جديرة أن يوقف عندها.
يرى هذا المؤلف أنّ من الواجب أن ندرس درجة تأثير كلّ عنصر من هذا الخليط ، مأخوذا أوّلا على حدة ، كما لو كان موجودا وحده في مجال الضّمير ، ثمّ يؤخذ بعد ذلك في علاقته بالعنصر الآخر ، ومن هذا الدّرس ، وتلك المقارنة تنتج ثلاث حالات ممكنة : فإمّا أن يكون كلّ من الباعثين قويا ، حتّى ليستطيع أن يدفعنا إلى العمل لو كان منفردا (١) ، وإمّا أنّهما لا يكسبان هذه القوة إلّا بإجتماعهما ، وإمّا أنّ أحدهما فقط يملك هذه الطّاقة ، والآخر ليس سوى قوة مكملة ، عاضدة ، ومعاونة ، تجعل مهمة الأوّل أكثر يسرا.
ويمضي في تصوير هذه الحالات ، بتسمية الحالة الأولى : مرافقة ، والثّانية : مشاركة ، والثّالثة : معاونة.
وعلى الرّغم من اختلاف هذه الحالات في طبيعتها ، فإنّ الأولى ، والثّانية يجب أن يندرجا في مجموعة واحدة ، هي : حالة المساواة (سواء أكانت مساواة في الفعل أم في التّرك). وبعكس ذلك تنقسم الحالة الثّالثة إلى نوعين مختلفين ، تبعا لما إذا كانت السّيطرة ، والتّفوق من حظ القوة الأخلاقية ، أو من حظ قوة
__________________
(١) أو بتعبير الغزالي : «بحيث لو انفرد لكان مليّا بإنهاض القدرة» إحياء علوم الدّين : ٤ / ٣٥٤.