متغلب متفوق ، وجانب آخر مساعد ، خاضع له.
ومن البديهي أنّه في حالات تساوي التّأثير بين الواجب ، والمنفعة يجب أن ينظر إلى العمل على أنّه باطل ، فالخير ، والشّر يتقاصان ، ويتزايلان ، فإذا رجح الباعث الأخلاقي كان له أجر ، ولكنه نظير فضل من القوة ، بالنسبة إلى دافع الهوى.
وبعكس ذلك لو أنّ باعث الهوى كان أقوى من باعث الواجب ، فإنّ العمل يكون مستحقا للعقوبة ، ولكنها أقل مما إذا كان مفروضا بسبب خبيث.
ذلك أنّه كما أنّه أصغر كمية من الغذاء ، أو الدّواء ، لا بد أن تحدث تأثيرها الطّيب ، أو السّيء ، على أبداننا ، فكذلك لا بد أن يضفي أقل ميل للإرادة ، وأخفّ إتصال لها بالخير ، أو الشّر ، على أنفسنا قدرا مساويا من النّور ، أو الظّلام ، من القرب أو البعد عن الله.
ويتساوى في ضعف الإحتمال أن تستحق كثرة الشّر سحقا كاملا قلة الخير ، أو أن تمحو قلة الشّر محوا كاملا كثرة الخير ، إذ لو حدث هذا لوضعنا الشّرع في مأزق حرج ، ولحرمنا من كلّ أمل ولن تستطيع النّفس الإنسانيّة أن تفلت من هذا الخليط إلّا في ظروف نادرة (١).
ولكي ندعم هذه النّظرية ، يمكن أن نستمد دليلا إيجابيا من القرآن الكريم ،
__________________
(١) هذا الظّرف النّادر هو حالة الإخلاص الكامل لوجه الله تعالى ، وهي حالة التّجرد المطلق من كلّ البواعث الدّنيوية ، يقول الغزالي «إحياء علوم الدين : ٤ / ٣٦٨» : والإنسان مرتبط في حظوظه ، منغمس في شهواته ، قلما ينفك فعل من أفعاله ، وعبادة من عباداته عن حظوظ وأغراض عاجلة .. حتّى قيل : من سلم له من عمره لحظة واحدة خالصة لوجه الله نجا ، وذلك لعزة الإخلاص». «المعرب».