على أنّها عادلة فحسب ، بل على أنّها هي العدالة ذاتها بحدها. وإذن ، فمن ذا الّذي لا يرى أنّ الصّفات الفطرية الّتي منحتناها الطّبيعة ـ ليست من عملنا؟.
أليس من واجبنا ـ إذا قسنا الأمور بهذا المقياس ـ أن نحتفظ للجهد بكلّ القيمة ، وأن نستبعد من حساب القيمة كلّ ما كان تلقائيا؟ ..
ثمّ .. أفلا يترتب على هذا المنطق أن تحتل نفس القديس حينئذ أدنى الدّرجات في سلم الجزاء؟ .. من الّذي يسلم بقبول ذلك؟ ..
هل يجب أن ننحاز إلى جانب ، في مواجهة هذا التّناقض؟ أو أن نبحث على حل وسط؟ ..
والحقّ أنّ الفضيلة في أيّة مرحلة من مراحل الحياة الأخلاقية ليست ثمرة خالصة من ثمرات الطّبيعة المحضة ، كما أنّها ليست نتيجة الإكتساب المطلق.
ذلك أنّ أسوأ النّاس ، وأكثرهم شرّا ، لا يخلو أن تكون في نفسه بذرة طيبة يستطيع استخدامها في صراعه ضد خلقه الخبيث ، كما أنّ أطهر الأنفس لا تستغني مطلقا عن بعض الجهد ، كيما ترتقي في مراتب الجزاء.
ولقد أثبتت اللّغة الفرنسية هذا المقياس المزدوج للقيمة ، حين أطلقت كلمة [Merite] على كلّ صفة فطرية ، أو مكتسبة ، جديرة بالتقدير ، حتّى لو كانت الجمال ، أو الغنى.
وإنّما يجب فقط أن نعترف بأنّ لدى النّاس إختلافا في نصيب كلّ منهم من عاملي الفضيلة ؛ ويجب أن نلاحظ في الوقت نفسه أنّ النّاس لا يتساوون دائما لا في موضوع الكفاح ، ولا في الشّكل الّذي ينبغي أن يبدو فيه جهدهم الأخلاقي.