نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (١).
وكما تتجه عواطفه الرّقيقة نحو هذه القيم العليا ، نجدها تتجه وجهة أخرى ، فيما حدثنا عن نفسه : «وجعلت قرة عيني في الصّلاة» (٢).
فالقداسة الإسلاميّة لا تتمثل إذن في لا مبالاة مطلقة حيال الفطرة ، ولكن في تفضيل مؤكد بصفة خاصة ، للقيم الرّوحية. ولذلك نجد أنّ القرآن حين يصف المؤمنين الصّادقين لا يقول : إنّهم لا يحبون إلّا الله ، ولكن يقول : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) (٣).
وإذن ، فلكي نطرح مشكلة الجهد ، والإنبعاث التّلقائي لسنا بحاجة إلى أن نفترض حالة تكون فيها القوى المناهضة للواجب منعدمة تماما ، بل حسبنا أن ننطلق من واقع عدم التّساوي بين القوى المتصارعة ؛ لأنّ أدنى تفوق للشعور الخير يجب أن يخفف بنفس النّسبة من ثقل التّكليف ، ومن التّضحية الّتي تفرضها المقاومة ، ولقد ذكر القرآن هذه الملاحظة ، فبعد أن أوصى بأن نستعين بالصبر والصّلاة قال : (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (٤).
__________________
(١) الشّعراء : ٣.
(٢) انظر ، سنن النّسائي (المجتبى) : ٧ / ٦١ ح ٣٩٣٩ ، ونص الحديث : «عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : حبب إليّ من الدّنيا النّساء ، والطّيب ، وجعلت قرة عيني في الصّلاة». (المعرب). وانظر ، المصنّف لعبد الرّزاق : ٤ / ٣٢١ ح ٧٩٣٩ ، المعجم الأوسط : ٥ / ٣٤١ ح ٥٢٠٣ ، الكافي : ٥ / ٣٢١ ، مسند أحمد : ٣ / ١٢٨ ح ١٢٣١٦ ، الخصال : ١٦٥ ، مسند أبي يعلى : ٦ / ١٩٩ ح ٣٤٨٢ ، وسائل الشّيعة : ٢ / ١٤٤ ح ١٢ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٢ / ١٤٣ ح ٢٧٣٣ ، فيض القدير : ٢ / ١٤٦ ، رسائل الكركي : ٣ / ٢٢٥ ، الحبل المتين للبهائي : ١٥٤ ، لسان الميزان : ١ / ٤١٥.
(٣) البقرة : ١٦٥.
(٤) البقرة : ٤٥.