«غير المهذب» من النّفس ؛ فلا خلق إلّا بقدر ما يكون هناك من شرور ، يجب مجاهدتها ، فبين الأخلاقية والجهد «الدّفاعي» علاقة وثيقة إن لم يكونا شيئا واحدا.
وأمّا حلّنا فشيء آخر تماما.
ذلك أننا ـ من ناحية ـ نبقي للنصوص هدفها الشّامل ، فنحن نرى أنّ النّصر ، مهما تراحب مداه ، وأية كانت علته ، يمنح النّفس المتحررة من أدرانها أجرا أعلى بالنسبة إلى النّصر الّذي يظل هدفا لإغراءات الشّر المتحفزة.
وبدلا من أن يسير تقديرنا متوازيا مع مشقة المقاومة يجب أن يزيد كلّما نقصت هذه المشقة. فالقول الحقّ في نظرنا هو القول الّذي يقرر علاقة عكسية بين القيمة ، وضرورة الجهد المحارب ، فالقيمة مرتبطة بتقهقر هذه الضّرورة ، لا بتقدمها.
ولكنا ، في مقابل ذلك ، لا نقفل حلقة الأخلاقية بعد هذا الإنتصار ، لأننا ، بدلا من أن نوفق بينها وبين جانب واحد من نشاطنا ، نحدد لها «مجالين» ، ثانيهما ليس أزهدهما قيمة ، فبعد أن نصارع ضد الظّلام ، يواجهنا الصّراع في النّور ، وكلّ شهوة نحكمها هي عقبة نجتازها ، ونير ننزعه ، ودرجة من الحرية والخصوبة نرتقيها.
فمنذ أن تصبح الإرادة الطّيبة لا يناوئها عدوها ، وحين لا تصبح هنا ضرورة للجهد المكافح ، «فإنّ جهدا آخر يطرح نفسه ، ويفرضها». فالوقت ، والقوة اللّذان كانا مخصصين لأعمال «الهدم» وإزالة الأنقاض سوف يدخران منذئذ ، إلى أن يصبحا أعظم قدرا ، وأكثر استجماعا ، لأعمال «الإنتاج ، والبناء».