بسيط فإنّ الرّحمة تبدو هنا مشروعة ، وملائمة.
وهذا المبدأ في التّدرج ، الّذي انطوت عليه نصوص لا تحصى ، قد هدى العلماء ، والفقهاء المسلمين إلى ترتيب معاني الخير ، والشّر متدرجة ، بحيث أدى ذلك إلى تصنيف كلّ منهما في طائفتين رئيسيتين ، وعلى هذا النّحو فإنّ العمل الصّالح يمكن أن يكون : إمّا تكليفيا صارما ، وإمّا تفضيليا جديرا بالإختيار ، وكذلك في حالة العكس أي العمل الخبيث ، إمّا أن يكون محرما صراحة ، وإمّا معيبا فقط ، غير مستحبّ.
وها نحن أولاء الآن نستطيع أن نجيب عن السّؤال المطروح : فنحن بإستعمالنا لهذه المصطلحات الّتي أصبحت مقبولة لدى الجميع نقرر أوّلا أنّ البحث عن الممكن الأفضل ، متى تجاوز منطقة محددة بالنسبة إلى كلّ واجب ، والّتي تعتبر تكليفا مطلقا ـ فإنّه يدخل بذلك في مجموعة الخير النّافلة.
ولعلنا نذكر حالة الأعرابي الّذي جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثائر الرّأس ، فقال : يا رسول الله ، أخبرني ما ذا فرض الله عليّ من الصّلاة؟ فقال : الصّلوات الخمس ، إلّا أن تطوعّ شيئا. فقال : أخبرني بما فرض الله عليّ من الزّكاة؟ قال : فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوسلم شرائع الإسلام. قال : والّذي أكرمك لا أتطوّع شيئا ، ولا أنقص مما فرضه الله عليّ شيئا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفلح إن صدق» (١).
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاري : ١ / ٢٥ ح ٤٦ و : ٢ / ٦٦٩ ح ١٧٩٢ وص ٩٥١ ح ٢٥٣٢ و : ٦ / ٢٥٥١ ح ٦٥٥٦ ، شرح النّووي على صحيح مسلم : ١ / ١٦٧ ، حاشية السّندي : ١ / ٢٢٨ ، كشف الخفاء : ١ / ١٧٨ ح ٤٧٤ ، صحيح مسلم : ١ / ٤٠ ح ١١ ، صحيح ابن حبّان : ٨ / ٥٣ ح ٣٢٦٢ ، المسند المستخرج على ـ