«الواجب» ، أو «الخير» ، فإنّ الأخلاق القرآنية هي إذن ، وفي نفس الوقت ـ «أخلاق واجب» ، و«أخلاق خير». ولو أننا افترضنا أنّ الجهد بالمعنى الكامل للكلمة في متناول أيدي جميع النّاس فإنّ هذه الأخلاق لا تبدو متشددة إلّا بصدد الدّرجتين الأوليين ، فأمّا الدّرجة العليا فإنّ اقتضاءها يصبح «نصحا» ، و«تشجيعا».
والآن ندرك كيف يصبح من الممكن أن نقيم بين هذه المراحل الثّلاث للجهد المبدع سلّما من القيم الأخلاقية المتصاعدة. والتّوازي (بين قوة الجهد ، والتّصاعد في القيمة) وهو الّذي كنّا نرفضه بالنسبة إلى جهد المدافعة ، نقبله هنا بكلّ رضا فيما يتعلق بالجهد المنتج. ولكن لما كانت زيادة هذا الجهد المنتج مستفيدة طبيعيا من النّقصان المشروع في جهد المدافعة ، فإنّ نتيجتينا تتوافقان ، وتؤكد إحداهما الأخرى. فهما في الواقع ليستا سوى ترجمتين لحقيقة واحدة بذاتها.
وفائدة هذا المفهوم أنّه يعيننا على حل عدد من «المشكلات». فهو يسمح لنا «أوّلا» بأن نرضي الحرص المشروع للنظرية القائلة بأنّ «الجهد هو شرط كلّ قيمة أخلاقية» والواقع أنّ هذه النّظرية تجد تسويغها في هذا الشّعور بالحيرة ، الّذي يصيب الضّمير ، حين يراد له أن يسلّم للصالحين بثواب على أفعال لم يحققوا فيها جهدا ، ولا إنتصارا ، والمبدأ الّذي تدافع عنه تلك النّظرية مبدأ ممتاز ، ولكنها فقط تطبقه تطبيقا سيئا ، ومن ناحية واحدة : إنّها لا ترى أنّ النّقص من