يتصل أحدهما بالمعرفة ، ويتصل الآخر بالسلوك. وانته إلى أن حصر في القرآن من النّوع الأوّل سبعمئه وثلاثا وستين آية ؛ كما حصر من النّوع الثّاني سبعمئة وإحدى وأربعين آية (١).
ومن المؤسف أنّ هذا النّوع من الحصر ، والتّصنيف ، الّذي يعد خطوة أولى في سبيل إعداد المواد للتشييد ـ لم يعقبه ما يقتضيه من عمل ضروري يهدف إلى إعلاء البناء.
ومع ذلك ، يجب أن نعترف بأنّ إختيار المواد في العمل قد تم بوجه عام نبعا لقاعدة ، وأنّ الآيات المختارة في القسم العملي تتوافق غالبا مع موضوع لدراستنا.
وليس الأمر على هذا النّحو بالنسبة إلى ما استخرجه القاضي أبو بكر الجصاص الحنفي (المتوفّى ٣٧٠ ه) (٢) ، في كتابه : «أحكام القرآن» ، (طبعة استنبول ١٣٣٨ ه) ، وإلى ما استخرجه القاضي أبو بكر بن العربي ، المالكي
__________________
(١) فمجموع هذه الآيات يربى على ألف وخمسمئة آية ، تمثل أقل من ربع القرآن بقليل ، وما عدا ذلك لا يعالج في رأيه سوى مسائل تكميلية ، وشأنها ـ على ما قال ـ شأن الصّدفة الّتي تغطي المادة الثّمينة في الكتاب ، وقد دخل هذا العمل القديم مع بعض تعديلات يسيرة ـ إلى اللّغة الفرنسية ، على يد كاتب تركي ، هو الجنرال محمود مختار كتير جوغلو ، في كتاب بعنوان : «الحكمة القرآنية ـ آيات مختارة Versets choisies [Coranique]. [Sagesse La باريس Geuthmer ١٩٣٥ م]. وقد نشر المؤلف على هذه الصّورة كتاب الغزالي مختصرا (ألفا ومئتا آية ، بدلا من ألف وخمسمئة آية) ، بعد أن خلط خلطا تاما كلا عنصرية بالآخر ، حتّى إنّه ألغى عناوين السّور ، وقد كانت من قبل متميزة.
(٢) أحمد بن عليّ الرّازي ، أبو بكر الجصاص ، فاضل ، من أهل الرّي ، سكن بغداد ، ومات فيها ، انتهت إليه رياسة الحنفية ، وخوطب في أن يلي القضاء فامتنع ، وألف كتاب «أحكام القرآن» وكتابا في «اصول الفقه». المعرب.