فإذا عدمت هذه المسئولية فإنّه يوصي الشّباب باللّجوء إلى الصّوم ، كوسيلة للدفاع ضد الدّوافع الغرزية (١) : «يا معشر الشّباب ؛ من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغضّ للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنّه له وجاء» (٢).
وهناك أحاديث أخرى تعبر تعبيرا أدق عن هذا التّدرج ، فقد جاء أعرابي إلى النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله! أي النّاس خير؟ قال : رجل جاهد بنفسه ، وماله ، ورجل في شعب من الشّعّاب يعبد ربه ، ويدع النّاس من شره» (٣).
وخذ كذلك نصا آخر متدرجا ، «فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال : مرّ رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة ، فأعجبته لطيبها ، فقال : لو
__________________
(١) نعتقد أنّ في هذا الحديث أصل منهج التّقشف ، وشرطه المسوغ له ، وهو المنهج الّذي امتدحه كثير من الأخلاقيين المسلمين ، وغيرهم ، فهذا الحرمان ، والقهر الّذي يفرضه المتحذلقون ـ في الأخلاق ـ غالبا على أتباعهم ـ يجب ألا نرى فيه في الواقع هدفا ، بل هو وسيلة لجهاد بعض الفطر المتمردة ، الّتي تحكمها الجوارح ، حكما متمكنا. ولا شك أنّ مراحل هذا الصّراع قد تستغرق زمنا يطول ، أو يقصر ، تبعا للحالة ، ولكن ذلك دائما إجراء مؤقت ، وليس هو الحالة العادية ، والدّائمة ، الّتي يوصى بها الرّجال عموما.
(٢) انظر ، صحيح البخاري : ٢ / ٦٧٣ ح ١٨٠٦ و : ٥ / ١٩٥٠ ح ٤٧٧٨ ، المبسوط للطوسي : ٤ / ١٥٢ ، صحيح مسلم : ٢ / ١٠١٨ ح ١٤٠٠ ، السّرائر : ٢ / ٥١٨ ، صحيح ابن حبّان : ٩ / ٣٣٥ ح ٤٠٢٦ ، تذكرة الفقهاء : ٢ / ٥٦٥ ، المسند المستخرج على صحيح مسلم : ٤ / ٦٣ ح ٣٢٣٥ ، المهذب : ٣ / ١٦٥ ، سنن التّرمذي : ٣ / ٣٩٢ ح ١٠٨١ ، سن الدّارمي : ٢ / ١٧٧ ح ٢١٦٥ ، مجمع الزّوائد : ٤ / ٢٥٢ ، سنن أبي داود : ٢ / ٢١٩ ح ٢٠٤٦.
(٣) انظر ، صحيح البخاري : ٣ / ١٠٢٦ ح ٢٦٣٤ و : ٥ / ٢٣٨١ ح ٦١٢٩ ، شرح اصول الكافي : ١ / ١٥٨ ، صحيح مسلم : ٣ / ١٥٠٣ ح ١٨٨٨ ، عوالي اللئالي : ١ / ٢٨١ ، صحيح ابن حبّان : ٢ / ٣٦٩ ح ٦٠٦ و : ١٠ / ٤٥٩ ح ٤٥٩٩ ، سنن التّرمذي : ٤ / ١٨٦ ح ١٦٦٠ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ١٣١٦ ح ٣٩٧٨ ، مسند أحمد : ٣ / ١٦ ح ١١١٤١.