إلى الحدّ الّذي لا يستطيع معه أن يعيش على وئام مع إخوانه ، وفي مثل هذه الحالة يصبح أفضل ملجأ نلوذ به ـ بداهة ـ أن نتبع تلك الوصية الذهبية الإسلاميّة ، من قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليسعك بيتك ، وأمسك عليك لسانك ، وأبك على خطيئتك» (١).
ولكن ، هل يمكن أن نقارن الرّجل الّذي ينطوي على الصّمت ، ويلتزم الجمود ، ليتجنب الصّدمات المحزنة ، بآخر يضحي براحته ، وانفعالاته راضيا مختارا ، من أجل السّلام العام ، ومن أجل سعادة الأمّة؟ ..
إنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم هو الّذي يقول لنا : «المسلم إذا كان يخالط النّاس ، ويصبر على أذاهم خير من المسلم الّذي لا يخالط النّاس ، ولا يصبر على أذاهم» (٢).
ولقد فهم المجربون الثّقات هذا الحديث ، وإليك بعضا من أقوالهم :
قال الجنيد : «مكابدة العزلة أيسر من مداراة الخلطة» (٣).
وقال ذو النّون المصري : «ليس من احتجب عن الخلق بالخلوة كمن احتجب عنهم بالله» (٤).
__________________
(١) انظر ، سنن التّرمذي : ٤ / ٦٠٥ ح ٢٤٠٦ ، المحاسن : ١ / ٤ ، مجمع الزّوائد : ١٠ / ٢٢٩ ، الخصال : ٨٥ ، المعجم الكبير : ١٠ / ١٧٠ ح ١٠٣٥٣ ، تحف العقول : ٧ ، حلية الأولياء : ١ / ١٣٥ ، شرح اصول الكافي : ١ / ١٥٨ ، صفوة الصّفوة : ١ / ٤٢٠ ، أمالي الطّوسي : ٧ ، كشف الخفاء : ٢ / ٤٢٨ ح ٢٨٣٠ ، وسائل الشّيعة : ١٢ / ١٩٥ ، الزّهد لهناد : ٢ / ٥٤٥ ح ١١٢٧ ، الزّهد لابن المبارك : ١ / ٤٢ ح ١٣٠.
(٢) انظر ، سنن التّرمذي : ٤ / ٦٦٢ ح ٢٥٠٧ ، مشكاة الأنوار لعلي الطّبرسي : ٣٣٨ ، تفسير القرطبي : ١٠ / ٣٦١ ، مسند الحارث زوائد الهيثمي : ٢ / ٧٩٩ ح ٨٠٩ ، كتاب الزّهد الكبير : ٢ / ١١٠ ح ١٩٠ ، فيض القدير : ٦ / ٢٥٥ ، لمقصد الأرشاد في ذكر أصحاب الإمام أحمد : ١ / ٣٣٣ ح ٣٥٠.
(٣) انظر ، فتح الباري لابن حجر : ١١ / ٢٨٤.
(٤) انظر ، ذيل تأريخ بغداد لابن النّجار البغدادي : ٥ / ١٣٦ ، ولكن نسب هذا القول لأبي بكر الشّبلي.