وأفضل : إنّها بناء عضوي حقيقي تتعاون فيه كلّ العناصر ، وتتساند كلّ الوظائف ، ولقد استطعنا أن نشهد كيف يمتزج المثالي بالواقع العملي الصّلد (١) ، وصرامة الإطار تسير مع المرونة في المضمون جنبا إلى جنب ، فيشتركان معا في حفظ النّظام ، وفي تحقيق التّقدم (٢). ورأينا كيف يكتمل العقل بالإيمان (٣) ، وكيف يعتمد الإيمان على العقل (٤). وكيف يراقب الفرد حسن سير الحياة الأخلاقية العامة (٥) ، وإن كان مكلفا بمسئوليته الخاصة. وكيف يشعر المجتمع من ناحية أخرى بسموه ، وبحقه المقدس بالنسبة إلى أعضائه (٦) (دون أن يقتضي منهم مع ذلك تضحيات لا جدوى منها أو مغالية) (٧) ، ثمّ يشعر في الوقت نفسه. بالواجب الملح الّذي يقع على كاهله ، أن يضمن للمحرومين قدرا مناسبا من الرّفاهة (٨) ، وأن يجنبهم كلّ عبء لا يطيقونه (٩).
هذه الجدلية كلّها ، هذا المد ، والجزر يتردد حول المبدأ الوحيد ، الّذي يقع في قلب النّظام ، والّذي يمكن أن يتلخص في فكرة «التّقوى» : وهي مفهوم مركب بدوره ، لأنّه يضم أعمق الإحترام للمثل الأعلى ، والبحث عن أفضل الظّروف
__________________
(١) انظر في الفصل الثّاني : التّحليل العام لفكرة المسئولية : ١٩٧.
(٢) انظر الفقرة الثّانية من الفصل الثّاني في تحديد شروط المسئولية الخلقية والدّينية : ٢١٠.
(٣) انظر الفصل الثّاني.
(٤) انظر الفصل الثّاني.
(٥) انظر الفصل الثّاني.
(٦) انظر الفصل الثّاني.
(٧) انظر الفصل الثّاني.
(٨) انظر الفصل الثّاني.
(٩) انظر الفصل الثّاني.