الّتي تفرضها الطّبيعة بقدر الإمكان.
وفائدة دراسة كهذه هي أنّها تشعرنا بكلّ عمق بما نحن مندوبون إلى أدائه ، ثمّ هي ترينا كيف يستند هذا الأداء إلى أساس متين.
لكن هذا كلّه لا يشبع إلّا حاجة عقلية ، ولا يعد سوى جانب ثانوي من المشكلة الأخلاقية ، فمن الممكن «أن يكون المرء فاضلا دون أن يستطيع تعريف الفضيلة» ، فحاجتنا إذن إلى أن نرى الفضيلة أعظم من حاجتنا إلى تعريفها.
«ما ذا يجب أن أعمل»؟ .. ذلكم هو أعم الأسئلة ، وأشدها إلحاحا ، إنّه الغذاء اليومي للنفس الإنسانية. ولسوف يكون عملنا هذا ناقصا بادي النّقص ، لو أنّه بعد أن كشف في القرآن عن الأساس النّظري ، وعن المبادىء العامّة للأخلاق ، أعرض عن مشاهدة الآثار العظيمة الرّائعة للأخلاق التّطبيقية ، الّتي قدمها لنا هذا القرآن.
فهذا إذن بيان هذه الأخلاق العملية.
ولسوف نرى فيها كيف أنّ نشاطنا في كلّ ميادين الحياة (١) ، يجد فيها طريقه مرسوما.
وربما كان من المناسب أن نضيف إلى النّص بعض الملاحظات المفسرة ، أو المقارنة ، ولكنا كيلا نضخم كتابنا ، الّذي تضخم فعلا ، سوف نكتفي بعرض مجرد وبسيط لهذه المقتبسات النّصية ، إلّا في حالة الضّرورة ، مع العناية بتصنيفها منهجيا ، تبعا للمجالات المختلفة الّتي سبق أن أشرنا إليها.
__________________
(١) أعني : في سلوكنا الشّخصي كما في علاقاتنا مع الآخرين ، ومع الله جلّ وعلا.