خضراء لها أغصان وفروع ، كل واحد منها على لون ، فقيل لي في المنام : هذه الأغصان أولادك الأنبياء على قدر أنوارهم ، فانتبهت فزعا مرعوبا ، فهذا تأويل رؤياي. فقالت زوجته : يا نبيّ الله ورسوله ، إنهما اثنان ، لأنهما يتضاربان في بطني كالمتخاصمين. فقال إسحاق : يكون خيرا إن شاء الله تعالى. فلمّا تمّت مدّة الحمل وضعتهما وأحدهما بعقب صاحبه ، متعلّق بعقبه ، فسمّي : يعقوب ، لأنه بعقب أخيه ، والآخر اسمه عيص ، لأنّه أخّر أخاه ، وتقدم عليه».
وقيل : إنّ سارة قد مضى من عمرها تسع وتسعون سنة ، وإبراهيم ثماني وتسعون ، وحملت سارة بإسحاق في الليلة التي خسف الله فيها قوم لوط ، فلما تمّت أشهرها وضعته في ليلة الجمعة يوم عاشوراء ، وله نور شعشعانيّ ، فلمّا سقط من بطن أمّه خرّ لله ساجدا ، ثم استوى قاعدا ، ورفع يديه إلى السّماء بالثناء لله تعالى والتوحيد.
قال : «فأخذت تردّد قولها : عجوز عقيم ؛ وهي لا تدري أن هؤلاء ملائكة ، فرفع جبرئيل عليهالسلام طرفه إليها ، وقال لها : يا سارة ، كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم. فلما فرغوا من ذلك ، قال لهم إبراهيم : (فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ)(١) ، يعني ما بالكم بعد هذه البشارة؟ (قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) يعنون قوم لوط (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ)(٢)». قال قتادة : كانت حجارة مخلوطة بالطين ، مطبوخة في نار جهنّم (مُسَوَّمَةً)(٣) يعني معلّمة ، وقيل : إنه كان مكتوبا على كلّ حجر اسم صاحبه من المسرفين من قوم لوط في معاصيهم.
__________________
(١) الذاريات : ٣١.
(٢) الذاريات : ٣٢ و ٣٣.
(٣) الذاريات : ٣٤.