قال : «فعاد جبرئيل إلى صورته حتى عرفه إبراهيم عليهالسلام ، فأخبره : أنّ هذا أخي ميكائيل ، وهذان إسرافيل ودردائيل. فاغتمّ إبراهيم عليهالسلام شفقة على ابن أخيه لوط وأهله ، وذلك معنى قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليهالسلام : (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) ، يعني من الباقين في العذاب. ثمّ سألهم عن عدد المؤمنين في هذه المدائن ، قال له جبرئيل : ما فيها إلّا لوط ، وابنتاه. فذلك معنى قوله تعالى : (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(١).
قال الله تعالى : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ)(٢) ، أي الخوف (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى)(٣) يعني بإسحاق (يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ)(٤) يعني ما جرى بينه وبين جبرئيل ، يقول الله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)(٥) يعني هو مؤمن في الدعاء مقبل على عبادة ربّه ـ قال ـ فعند ذلك قال لإبراهيم : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ)(٦) يعني عذابه (وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)(٧) أي غير مصروف ـ قال ـ فعند ذلك قال إبراهيم عليهالسلام : يا ملائكة ربّي ورسله ، امضوا حيث تؤمرون».
قال : «فاستوت الملائكة على خيلهم ، وقاربت مدائن لوط وقت المساء ، فرأتهم رباب بنت لوط زوجة إسحاق عليهالسلام ، وهي الكبرى ، وكانت تستقي الماء ، فنظرت إليهم وإذا هم قوم عليهم جمال وهيئة حسنة ، فتقدّمت إليهم ، وقالت لهم : ما لكم تدخلون على قوم فاسقين! ليس فيهم من يضيّفكم إلّا ذلك الشيخ ، وإنّه ليقاسي من القوم أمرا عظيما ـ قال ـ وعدلت الملائكة
__________________
(١) الذاريات : ٣٥ و ٣٦.
(٢) هود : ٧٤.
(٣) نفس المصدر.
(٤) نفس المصدر.
(٥) هود : ٧٥.
(٦) هود : ٧٦.
(٧) نفس المصدر.