قوله : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، قال : اليهود والنصارى (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، قال : بالقرآن (١).
وقال الإمام أبو محمد العسكري عليهالسلام : «قال الصادق عليهالسلام ، وقد ذكر عنده الجدال في الدين ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام قد نهوا عنه ، فقال الصادق عليهالسلام : لم ينه عنه مطلقا ، لكنّه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن ، أما تسمعون الله عزوجل يقول : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ، وقوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ)(٢)؟.
فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدّين ، والجدال بغير التي هي أحسن محرّم ، حرّمه الله تعالى على شيعتنا ؛ وكيف يحرّم الله الجدال جملة ، وهو يقول : (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى)(٣) وقال تعالى : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٤)؟ فجعل الله علم الصدق والإيمان بالبرهان ، وهل يكون البرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن؟
فقيل : يا بن رسول الله ، فما الجدال بالتي هي أحسن ، والتي ليست بأحسن؟ قال : أمّا الجدال بغير التي هي أحسن ، بأن تجادل مبطلا ، فيورد عليك باطلا ، فلا تردّه بحجة قد نصبها الله ، ولكن تجحد قوله ، أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله ، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك حجّة ، لأنك لا تدري كيف المخلص منه ، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم ، وعلى المبطلين : أما المبطلون فيجعلون
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٥٠.
(٢) النحل : ١٢٥.
(٣) البقرة : ١١١.
(٤) البقرة : ١١١.