وثانيا : بأنه يكون الإيجاب الشرعي لغوا وبلا أثر مع حكم العقل بلا بدّية الخروج.
وفيه : أن حكم الشرع حينئذ يكون إتماما للحجة ، وتأكيدا لحكم العقل ، وقطعا لعذر المكلف ، كما في حرمة الظلم التي استقل العقل والعقلاء بها ، وكما في وجوب ردّ المغصوب المنقول مع وجوبه عقلا وشرعا ، ولو كان ذلك بسوء الاختيار فلا محذور في الوجوب الشرعي مع اللابدّية العقلية.
وأما عدم العقاب فلانقلاب موضوع الاختيار إلى الاضطرار ، فتنقلب العوارض واللوازم التابعة للموضوع لا محالة.
وقيل : بأنه واجب مع جريان حكم العقاب السابق عليه ، وأما بالنسبة إلى الوجوب فقد تقدم تصحيحه وعدم المحذور فيه ، وأما بالنسبة إلى جريان حكم العقاب فلا دليل عليه إلا جملة «الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وإن نافاه خطابا».
وفيه : إنه لم يقم دليل من عقل أو نقل على كلية هذه الجملة ، وعدها من القواعد المعتبرة وإن كانت صادقة على نحو الإهمال وفي الجملة في مورد عمل الأصحاب بها فتنجبر بالعمل ، واعتبارها في المقام أول الكلام.
وقيل : بعدم الوجوب الشرعي أصلا ، ولكن العقل يحكم باختيار أقل القبيحين.
وفيه : ما ثبت من إمكان تصوير الوجوب الشرعي من دون محذور فيه ، نفسيا كان أو غيريا. هذا ما يتعلق بحكم الخروج.
وأما حكم الصلاة في حال الخروج فلا تصح في سعة الوقت وإمكان إتيانها في محل مباح بالاتفاق حتى عند القائلين بالجواز ، وأما في الضيق فهي صحيحة حال الخروج بناء على الجواز ، وكذا بناء على الامتناع ورضاء المالك بالخروج ، كما استظهرناه ، وكذا بناء على عدم رضاه مع تغليب جانب الأمر.