الثالث : إنها إطلاقية ، فإن كل واحد من إطلاق الشرط ، وإطلاق ترتب الجزاء عليه ، وإطلاق نفس الجزاء يقتضي العلية التامة المنحصرة ، إذ لو كان في البين شرط آخر ، أو كان الترتب على نحو الاقتضاء ، أو صح أن يكون الجزاء جزاء لشرط آخر لذكر ـ ولو في كلام آخر ـ وحيث لم يذكر فيستفاد العلية التامة المنحصرة لا محالة ، كما يستفاد الوجوب العيني التعييني النفسي عن إطلاق الأمر.
وفيه ـ أولا : أنه يعتبر في التمسك بهذه الإطلاقات إحراز كون المتكلم في مقام البيان من هذه الجهات أيضا ، ومع عدم الإحراز لا وجه للتمسك بها ، إلا أن يقال : إن مقتضى ظاهر حال المتكلم حين التكلم كونه في مقام بيان كل ما له دخل في مراده مطلقا إلا مع القرينة على الخلاف ، فيكون حكم صورة الشك حكم صورة إحراز كونه في مقام البيان ، لأصالة كونه في مقام البيان ، وهي من الاصول المحاورية المعتبرة في المحاورات والاحتجاجات.
وثانيا : أن ذلك ليس إلا دعوى الانصراف الذي تقدمت المناقشة فيه ، كما أن الاستدلال عليه بأن الظاهر من الجزاء ترتبه على خصوص الشرط ، وإلا لكان مستندا إلى الجامع وهو خلاف الظاهر ، يرجع إلى أحد الوجوه المتقدمة ، فلا وجه لجعله دليلا مستقلا.
وهذه الوجوه وإن أمكنت المناقشة فيها ، لكن مجموعها بقرينة بناء العرف على استفادة العلية التامة من الجمل الشرطية ، يكفي لإثبات المطلوب.
وقد استدل على عدم المفهوم ..
تارة : بأنه لو ثبت لكان بإحدى الدلالات ، والكل منتفية.
وأخرى : بقوله تعالى : وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ، فإن مفهومه جواز الإكراه مع عدم التحصّن ، وهو ضروري البطلان.