حالات شخص واحد أيضا ، وفيه من الغرابة ما لا يخفى.
ومنها : أن الجزاء وإن كان متعددا واقعا ، ولكنه يجزي الواحد من باب تداخل المسببات ، كما إذا ورد : أكرم عالما ، وأكرم هاشميا ، وأكرم عادلا ، أي أكرم من كان جامعا لهذه الصفات.
وفيه : أنه يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، والمثال أجنبي عن المقام ، لأنه في ما إذا كان بين العناوين المنطبقة على الواحد عموما من وجه وتصادقت عليه ، وفي المقام لا يكون الجزاء إلا طبيعة واحدة قابلة للتكرر.
وكذا لو قيل : بأن الجزاء يحدث عند كل شرط تأكيدا لا تأسيسا ، فيكون من تداخل المسببات أيضا ، فإنه خلاف الظاهر ، مع أن مقتضى الأصل في المحاورات هو التأسيس لا التأكيد.
ومنها : أن العلل والأسباب الشرعية ليست حقيقية حتى يمتنع اجتماعهما على واحد ، بل هي معرّفات وكواشف ، فالعلة في الواقع واحدة والجزاء يكون واحدا.
وفيه : أنه لا فرق بين العلل التكوينية والشرعية في أنهما حقيقة تارة ، وكواشف عن العلل الحقيقية اخرى. والظاهر كونها حقيقية إلا مع الدليل على الخلاف ، ولا دليل كذلك على نحو الكلية.
فتبين من جميع ما تقدم أن مقتضى الظاهر تعدد الجزاء بتعدد الشرط ، سواء كان من صنف واحد أم كان من أصناف متعددة ، وأن القول بتداخل الأسباب أو المسببات يحتاج إلى دليل خاص.
ولكن يمكن أن يقال : انه في ما إذا تعاقبت الشروط المتعددة من صنف واحد على محل واحد ولم يتخلل الجزاء بينهما ، كانت تلك الشروط بمنزلة شرط واحد عرفا ، لأن المنساق عند المتعارف حينئذ أن الجنس شرط ، لا أن يكون خصوص الفرد شرطا ، والأدلة الشرعية منزّلة على العرفيات ، ولذا استقرت سيرة العلماء في الفقه على ذلك ، كما لا يخفى.