والأصل على نحو ما تقدم في الأمر الثاني.
وعلى كل منهما فإما أن يكون في البين ما يشك في كونه قيدا ، أو لا يكون ، فهذه أقسام أربعة. ولا ريب في ثبوت الإطلاق في ثلاثة منها ، وهي ما إذا احرز الإطلاق بالقطع ، وسواء كان في البين ما يشك في كونه قيدا ، أو لا ، وما إذا احرز بالأصل ولم يكن في البين ما يشك في كونه قيدا ، كما لا ريب في عدم ثبوته في ما إذا أحرز بالأصل وكان في البين ما يصلح للتقييد ، لعدم صحة الاعتماد على هذا الأصل حينئذ.
وأما إذا لم يكن كذلك ، بل كان من مجرد الشك فيه فأصالة الإطلاق محكمة ، فيجري هذا الأصل في الشك في أصل التقييد ، كما يجري في الشك في قيدية الموجود إلا إذا كانت أمارة معتبرة على التقييد.
الخامس : لا فرق في جريان مقدمات الحكمة وثبوت الإطلاق بها بين المعاني الإفرادية ، والتركيبية ، والإخبارية ، والإنشائية مطلقا ، فيتصف الجميع به مع جريانها ، ولا يتصف به مع عدم جريانها ، كما هو واضح. وقد استقرت السيرة على التمسك بإطلاق العقود ، والجمل الشرطية ، والأوامر والجمل الطلبية في الفقه.
وتتصف المعاني الربطية ، والتبعية ـ كالحروف وما يلحق بها ـ بالإطلاق والتقييد بتبع متعلقاتها ، لمكان الوحدة الاعتبارية بينهما ، فتسري عوارض المعاني الاستقلالية إلى المعاني التبعية المتقوّمة بها أيضا.
نعم ، إذا لوحظت تلك المعاني التبعية منسلخة عن المعاني الاستقلالية ، لا وجه لعروض الإطلاق والتقييد عليها ، إذ لا ذات لها إلا في الغير وبالغير ، وما كان كذلك لا معنى لاتصافها ذاتا بأية صفة كانت.
وبذلك يمكن الجمع بين الكلمات ، فمن يقول بعدم اتصاف المعاني التبعية بهما أي بالذات ، ومن يقول باتصافها بهما أي بالتبع ، وهذا وجه صحيح.