عليهما في مقام الإثبات أيضا من كل جهة ، ويلزم ذلك كونه اتفاقيا ، لأن جعل ما لا يقدر عليه المكلف دائما قبيح ، وأن يكون الترجيح بحسب الملاك فقط لفرض تمامية الحجة عليهما في مقام الإثبات فلا منشأ للترجيح من هذه الجهة ، ولو لم يوجد الترجيح الملاكي يتعين التخيير الثبوتي لا محالة.
والثاني عبارة عن عدم إمكان تشريع الحكمين ثبوتا لكن مع اجتماع دليلهما لشرائط الحجية إثباتا.
ولا قصور له في مقام الإثبات ، بل هو منحصر في مقام الثبوت فقط ، إذ ليس في البين إلا حكم واحد ، وأما مقام الإثبات فالدليلان جامعان لشرائط الحجية. فيكون الترجيح في مقام الإثبات لا محالة ومع عدمه فالتخيير الإثباتي ، كما يأتي.
والأخير يشترك مع الثاني في أنه ليس فيه أيضا إلا حكم واحد في مقام الثبوت ، ويفترق عنه في مقام الإثبات ، فإن الدليل فيه واحد لا تعدد فيه بوجه ، فيكون خارجا تخصصا عن مورد التعارض والتزاحم ، ولكنه يتردد بين كونه حجة أو غير حجة ، كتردد رجال السند بين الثقة وغيره ، وتردد الحديث بين كونه للتقية وعدمها ، إلى غير ذلك من الجهات الموجبة لعدم الحجية ، والمرجع فيه التفحص في ما يتكفل لبيان هذه الامور ، وبعد الفحص واليأس عن الحجية يرجع إلى الاصول العملية.
الرابع : من المحاورات الشائعة النص ، والأظهر ، والظاهر. ولا ريب في تقدم الأول على الأخيرين ، والثاني على الأخير ، لصلاحية النص للتصرّف فيهما بخلاف العكس ، كما أن الأظهر يصلح للتصرف في الظاهر من دون عكس ، وهذا من المسلّمات المحاورية. كالتسالم على اعتبار الظواهر ، فلا يحتاج إلى إقامة دليل عليه من الخارج.
كما أن صحة الجمع العرفي كذلك ، وهو عبارة عن التصرف في الدليلين