من لوازم اعتبارها ، وصحة الاعتذار بها ، لأنها إن طابقت الواقع فلا ريب في الإجزاء ، وإن خالفت فالمكلف معذور في ترك الواقع ، لعموم أدلة اعتبارها وامتنان الشارع على امته في هذا الأمر العام البلوى ، وحكومة أدلة اعتبارها على الواقعيات ، ويشهد له الطريقة العقلائية في الطرق المعتبرة لديهم ، فإنهم عند تبين الخلاف فيها يرتبون الأثر من حين تبين الخلاف من دون استئناف العمل من الأول ، وهذا لسعة فضل الله تعالى أنسب. فكما أنه تعالى يسقط العمل المأتي به عن الاعتبار لأجل بعض الجهات ، كذلك ينزل العمل غير المطابق للواقع منزلة الواقع.
ودعوى : أن العذرية وصحة الاعتذار مادامية ، أي ما لم ينكشف الخلاف ، لا دائمية. من مجرد الدعوى بلا شاهد ومخالفة لإطلاقات أدلة اعتبارها ، وإجماعهم على الإجزاء عند تبدل رأي المجتهد ، فإطلاق أدلة اعتبار مفاد الأمارات والاصول والقواعد ـ تأسيسا كانت أو إمضائية ـ يقتضي الإجزاء مطلقا إلا في مورد الدليل على الخلاف ، فلا مجرى لجريان قاعدة الاشتغال في المقام.
ولم يرد عن الأئمة عليهمالسلام في هذا الأمر العام البلوى لا سيما عند الإمامية المفتوح عندهم باب الاجتهاد حديث ، وما ورد في عدم إجزاء الرأي والنظر من الأخبار الكثيرة التي جمعها في كتاب القضاء من الوسائل ، لا ربط لها بالمقام ، بل المقصود منها الآراء الفاسدة الباطلة في مقابل الإمام عليهالسلام ، لا ما حصل من الجد والاجتهاد في أحاديثهم عليهمالسلام ، فأي مانع من أن يكون المقام مثل أعمال العامة إذا استبصروا ، حيث ورد عن أبي عبد الله عليهالسلام في الصحيح : «كل عمل عمله في حال نصبه وضلاله فإنه يؤجر عليه» ، بل ما نحن فيه أولى بذلك كما لا يخفى ، وليس ذلك من التصويب والانقلاب الباطل ، بل هو تنزيلي تسهيلي لغير الواقع منزلة الواقع ، وإسقاطه عن الفعلية لمصالح كثيرة ، فبين المقام وبحث التصويب والانقلاب بون بعيد جدا.