القضايا التشريعية من القضايا الحقيقية.
وفيه : أنه خلاف ظواهر الأدلة والمنساق منها عرفا بلا دليل ملزم عليه من عقل أو نقل ، مع أن كون القضايا المستعملة في تشريع الأحكام وتقنين القوانين ـ خالقية كانت أو خلقية ـ من القضايا الحقيقية مما لا يخفى على الأصاغر فضلا عن الأكابر.
الخامس : ـ وهو أحسنها ـ ويمكن أن يكون مقصود الجميع ذلك وإن قصرت عبائرهم عن الانطباق عليه ، وهو : أن أصل الإشكال يختص بالعلل والمعلولات التكوينية والموجودات المتحققة الأصيلة التي يدور نظم المباحث الدقية العقلية ، والبراهين المتقنة الحكمية عليها ، بشرط كون العلة بسيطة غير مركبة من الأجزاء المتدرجة الوجود ، لأن فرض تركب العلة من تلك الأجزاء المتدرجة الوجود في الزمان فرض تقدم بعض أجزاء المؤثر على بعض ، وإلا لزم الخلف وهذا أيضا مغالطة اخرى ، فهنا غولط بين العلة البسيطة والمركبة التدريجية. نعم ، في العلة المركبة بعد تحقق جميع الأجزاء والشرائط يعتبر التقارن الزماني مع المعلول أيضا ، من دون اعتبار التقارن الزماني بين كل جزء وجزء من أجزاء العلة.
وأما الاعتباريات التي يدور جعلها ـ بجميع جهاتها وخصوصياتها ـ على الاعتبار كيف ما اعتبره المعتبر ، فلا موضوع للإشكال فيها بعد فرض عدم استنكار عرف المعتبرين لذلك ، فربّ شيء يكون ممتنعا في التكوينيات يكون صحيحا في الاعتباريات ، وكذا بالعكس. ولا ريب في أن جميع القوانين المعتبرة بجميع حدودها وقيودها من الاعتباريات الحسنة العقلائية. وهذه الشبهة ـ وأمثالها ـ إنما حصلت من الخلط بين الامور التكوينية والامور الاعتبارية.