تارة : بحسب الدليل العقلي.
واخرى : بحسب الاستظهار الصناعي الاصولي.
وثالثة : بحسب الاعتبار العرفي.
أما الأول : فالمقتضي للجواز ـ وهو الملاك والخطاب ـ موجود ، والمانع عنه مفقود ، فلا بد من الوقوع حينئذ ، لأن ما يتوهم من المانعية امور تأتي الإشارة إليها في أدلة المانعين مع دفعها.
وأما الثاني ـ وهو الاستظهار الاصولي ـ فإن كان الخطابان عرضيين من كل جهة فلا ريب في الامتناع ، وأما إذا كانا طوليين ، أي كان خطاب المهم مشروطا بترك الأهم ولو عصيانا ، فأي امتناع فيه حينئذ ، لأن القدرة الطولية موجودة وجدانا ، فأي امتناع في أن يقال : أزل النجاسة عن المسجد وصلّ ، وإن تركت الأول عصيانا لا تترك الثاني بجعل الجملة الأخيرة بيانا لكيفية صدور الأمرين.
وأما الثالث : فالمحاورات العرفية أصدق شاهد على الصحة والوقوع ، يقول المولى : اسقني الماء وافرش سجادتي ، وإن عصيتني في الأول فلا تعصني في الأخير.
إن قلت : لا ريب في الإمكان والوقوع في مثل ما ذكرت من المثالين ، لوقوع الاشتراط اللفظي فيه ، فيدفع بذلك محذور الامتناع.
أقول : بعد ما جعلنا من المقدمات كون خطاب الأهم مطلقا وخطاب المهم مشروطا بتركه ولو عصيانا ، فأي فرق بين الشرط اللفظي حينئذ والشرط الواقعي السياقي العقلي في حاق الواقع صونا للكلام عن القبح واللغوية ، فإن مدار جميع هذه الامور على إمكان التصرفات العرفية المحاورية ، فيصح بكلما أمكن للتصحيح طريق عرفي ، بل العقلي إن أمكن بالدقة العقلية طريق للتصحيح ، وذلك لفرض أنهم أخرجوا المسألة عن العرفيات وأدخلوها في الدقيات.