ولا منقصة في هذا القسم من النسبة أبدا. ولعل هذا أحد معاني قوله تعالى : قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً .
وبعبارة أوجز : أن في الحسنات والمباحات تعدد جهة الانتساب إليه تعالى من الرضاء والقضاء ، والإذن والترغيب ، وخلق الذات القادرة المختارة. وفي السيئات منحصرة بخصوص الأخيرة ، والقضاء بنحو الاقتضاء مع النهي والتوعيد وإتمام الحجة على الترك من كل جهة ، وكل ذلك موافق لقانون العقل والعدل.
ثانيها : أن لكل فعل أسبابا خفية لا تدركها العقول ، وأسبابا ظاهرة تدركها ، والاولى يصح أن تكون من الله تعالى ، والثانية من العبد.
ثالثها : أن يكون المراد أن إرادة الصرف عن مراد العبد من الله تعالى ، وهو محسوس لكل أحد ، فكم من مريد لشيء يصرف عن إرادته وكم غير مريد يصادفه ما يشتهيه.
إن قلت : بعد ما اشتهر من أنّ السعيد من سعد في بطن أمه ، والشقي من شقي في بطن أمّه ، وما ورد في الأخبار من أن الإنسان مركب من طينة العلّيّين ، وطينة السّجّين ، ومصير الاولى إلى الجنّة والثانية إلى النار ، لا أثر للاختيار.
قلت : يجاب عنه بوجوه : منها أن المراد بالسعادة الحظوظ الدنيوية ، وبالشقاوة الحرمان عنها ، المستندة إلى الأسباب الخفية التي قصرت العقول عن الإحاطة بها.
ومنها : ما في مرسل ابن أبي عمير : «سألت أبا الحسن موسى عليهالسلام : عن معنى قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : الشقي من شقي في بطن أمّه ، والسّعيد من سعد في بطن أمّه؟ فقال عليهالسلام : الشّقيّ من علم الله وهو في بطن أمّه أنّه سيعمل عمل الأشقياء ، والسّعيد من علم الله وهو في بطن أمّه أنّه سيعمل عمل السعداء ...».
ومنها : ما في بعض الأخبار أنه يكتب في جبينه ـ وهو في بطن أمه ـ ما