يكون من القرينة العامة المعتبرة الدالة على الإباحة مطلقا ، بل يصير اللفظ حينئذ مجملا ، فيتبع القرائن الخاصة التي تدل على الإباحة تارة. وعلى الوجوب اخرى ، ومع فقدها فالمرجع أصالة البراءة ونتيجتها الجواز ، ولا يبعد جعلها حينئذ من القرائن العامة على الجواز. وكذا الكلام في النهي الواقع بعد الأمر ، أو توهمه.
رابعها : إيجاب شيء على المكلف مع العلم بانتفاء شرطه قبيح عند العقلاء كافة ، وكل قبيح عقلي ممتنع بالنسبة إليه تبارك وتعالى ، فيكون من التكليف المحال أو بالمحال. نعم ، لو كانت مصلحة خاصة تقتضي ذلك فلا إشكال فيه ، لأن وجود المصلحة يرفع قبحه ، بل قد يكون تركه قبيحا. وكذا لو كان إنشاء التكليف في ظرف عدم الشرط ، ولكن تمكن منه حين فعلية التكليف ، ولا إشكال فيه ، بل هو شايع.
خامسها : من الشائع المتعارف ، وعليه جرى بناء الشارع الأمر بالأمر بشيء ، ولا ريب في أنه يستفاد منه الوجوب بالنسبة إلى المأمور الثاني إن دلت القرينة على أن الواسطة واسطة في الإبلاغ والإرسال فقط ، كوساطة المرسلين في إبلاغ أوامر الله تعالى.
وإذا لم يكن كذلك ، وشك في أن الأمر من الآمر الأول صدر للإيجاب على المأمور الثاني ، أو لغرض آخر ، فهو من الشك في أصل الوجوب ، ومقتضى الأصل فيه البراءة ، ولا يبعد أن يقال : إن الظاهر كونه في مقام الإيجاب على المأمور الثاني ، إلا مع القرينة على الخلاف.
سادسها : إذا ورد الأمر بشيء ثم ورد أمر آخر به قبل امتثاله ، فمقتضى المحاورات أن الثاني تأكيد للأول ، وإن ورد الأمر بشيء بعد امتثاله فهو إيجاب آخر لا ربط له بالأول وإن كان مثله ، إلا مع القرينة على الخلاف في الموردين. ومع الشك في أنه من أيّهما تكون الشبهة من الأقل والأكثر ، فيجزي امتثال واحد