والاشتراط وإن صح التفكيك بينهما عقلا ، ولكنه بمعزل عن الأحكام الشرعية المنزلة على العرفيات.
والمعروف أن القيود في الواجبات المشروطة قيود للهيئة ، فلا وجوب إلا بعد تحققها ، فيكون الواجب أيضا كذلك لا محالة ، لما ذكرنا من الملازمة بين المادة والهيئة.
وذهب المحقق الأنصاري قدسسره إلى لزوم كون القيد قيدا للمادة مع اعترافه بأن مقتضى المحاورات أن يكون قيدا للهيئة ، فالوجوب مطلق فعلي والواجب مشروط بتحقق الشرط ، وهو لديه عين الواجب المعلق عند صاحب الفصول.
واستدل على مدعاه : بأن الهيئة من المعاني الحرفية المتقومة بالغير وهي غير قابلة للإطلاق والتقييد ، لكونهما من شئون المعاني المستقلة ، مع أن الوضع في المعاني الحرفية وما يلحق بها خاص ، فكيف تقبل التقييد؟!
وفيه : ما عرفت من قبولها للإطلاق والتقيد بتبع متعلقاتها ، وكون الوضع فيها خاصا ممنوع ، وعلى فرضه فلا ينافي التقييد ، كما في تقييد الأعلام الشخصية وغيرها من الجزئيات. مع أنه لا ثمرة لهذا النزاع أصلا إلا في وجوب بعض المقدمات قبل دخول زمان الواجب ، ويأتي بيان الوجوب فيها بطريق صحيح مقبول بلا احتياج إلى ارتكاب ما هو خلاف المشهور باعترافه قدسسره.
ثم إن التكاليف المجعولة لها مراتب متفاوتة ، منها مرتبة لحاظ جعل القانون فقط ، ومنها صلاحيتها للداعوية بالنسبة إلى المكلفين ، ومنها الفعلية. ولا أثر للإطلاق والاشتراط في الأولين بالنسبة إلى فعلية الوجوب لأن فعلية التكليف منحصرة بحكم العقل ، ولا ربط لها بالشارع وإنما تدور مدار تحقق الشرائط بأسبابها التكوينية خارجا وعدمه ، فمع التحقق يكون الوجوب فعليا عقليا ، ومع عدمه لا فعلية له. فالإطلاق والاشتراط في التكليف الفعلي يرجع إلى حكم العقل فقط ، وما هو مربوط إلى الشارع إنما هو الإطلاق والاشتراط في