وثانيا : أن وجوب ذي المقدمة علة غائية لوجوب المقدمة ، لا أن يكون علة فاعلية حتى يلزم المحذور ، فلا تجب المقدمة إلا لأجل وجوب ذيها في وقته ، وقد ثبت في محله أن الغاية متقدمة في العلم ومتأخرة في الوجود والعمل ، وقد جرت السيرة على الاهتمام بإتيان امور لأجل غايات تترتب عليها في أوقات خاصة ، فللغاية اعتبار صحيح فعلي ، تترتب على فعلها من جهة الاعتبار آثار عرفية صحيحة ، بل شرعية ، كصحة اعتبار وجوبها فعلا. وليس ذلك من القول بالوجوب النفسي للمقدمة ، لأنه في ما كان الملاك فيه غير وجوب شيء آخر ، ولا ملاك للمقدمة في المقام وغيره إلّا وجوب ذي المقدمة والتمكن من إتيانه. فإن أراد من يقول بالوجوب النفسي التهيئي ذلك فلا مشاحة في الاصطلاح.
وما يقال : من أن وجوب الشيء لأجل غايته عقلي والكلام في الوجوب الشرعي المولوي.
مدفوع : بأن المقام من موارد الملازمة قطعا للعلم بالملاك مع استقرار السيرة العقلائية على الوجوب التي يستكشف منها الوجوب الشرعي ، كما في سائر الموارد.
وثالثا : أنه يمكن إثبات الوجوب في هذه الموارد من باب حكم العقل بقبح تفويت التكليف في ظرفه مطلقا ، فالوجوب عقلي من هذه الجهة ويتبعه حكم الشرع أيضا ، ولا نحتاج إلى إثبات أن وجوبها تبع لواجب آخر أو أن الواجب الآخر غاية له ، لفرض كون الوجوب حينئذ عقليا وشرعيا مستقلا ، فيكون الوجوب في جميع هذه الموارد كوجوب صلاة الظهر من حيث أنه وجوب مستقل وفيه ملاك المقدمية أيضا.