ولا وجه للقول بأن ذلك كله بواسطة ذي المقدمة لا في حد نفسها ، فلا وجه لانطباق أي عنوان عليها. لأنه يمكن أن تكون الإضافة إلى ذي المقدمة موجبة لتعنونها بعنوان الحسن ، وسببا لعروض ذلك عليها ، سواء تحقق ذو المقدمة في الخارج أم لم يتحقق. ويشهد له ما ورد في السعي في قضاء حاجة المؤمن : أن من سعى فيها فله كذا من الثواب ، قضيت الحاجة أو لا. وما ورد : من أن نية المؤمن خير من عمله. وتقتضيه كثرة تفضل الله تعالى على عباده وسعة رحمته.
ودعوى اختصاص مثل هذه الإطلاقات بخصوص الواجبات النفسية ، بلا شاهد بل هو على خلافهما ، مع إمكان القول بانبساط الثواب من ذي المقدمة إلى مقدماته ، حصل ذو المقدمة أم لا ، مضافا إلى صدق الانقياد الذي هو من موجبات الثواب عند العقلاء مطلقا.
ثم إنهم قالوا بانحصار الثواب في ما إذا قصد الأمر والقربة ، فلا ثواب في غيره. وهو أيضا بلا شاهد ، إن لم يكن على خلافه شاهد ، كما لا يخفى على من راجع الأحاديث الشريفة ، بل الثواب يدور مدار كون العمل محبوبا لدى الله عزوجل بأي مرتبة من مراتب الحب ولو كان الحب مقدميا انقياديا ، لأن لحبه تعالى مراتب متفاوتة ، كما أن لثوابه أيضا كذلك ، بل ربما يثيب الله تعالى على امور غير اختيارية ، فسقوط الأمر في العبادات وإن كان متوقفا على قصد الأمر ولكن الإثابة على المحبوبات لدى الله تعالى أعم من ذلك. كما أن فساد العباديات بالرياء لا ربط له بالمقام.
والحاصل : أنه لا مانع ثبوتا من الثواب على المقدمات ، لكونها محبوبة لله تعالى في الجملة ، ولا يكون الثواب متقوّما بقصد القربة ، هذا إذا كان المراد بالثواب الجزاء المجعول الشرعي ، وأما إذا كان المراد به استحقاق المدح الذي هو أمر عقلي ولا ربط له بالشرع ـ فلا ريب في تحققه أيضا ـ لانطباق عنوان