ويقرأ بإظهارها ؛ لأنّ الحروف المقطعة يقصد تمييز بعضها عن بعض إيذانا بأنها مقطّعة ؛ ولذلك وقف بعضهم على كل حرف منها وقفة يسيرة ، وإظهار النون يؤذن بذلك.
٢ ـ (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ) : في ارتفاعه ثلاثة أوجه :
أحدها ـ هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هذا ذكر.
والثاني ـ هو مبتدأ والخبر محذوف ؛ أي فيما يتلى عليك ذكر.
والثالث ـ هو خبر الحروف المقطعة ، ذكره الفرّاء ، وفيه بعد ؛ لأنّ الخبر هو المبتدأ في المعنى ؛ وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة ، ولا في ذكر الرحمة معناها.
و «ذكر» : مصدر مصاف إلى المفعول ، والتقدير : هذا ذكر ربّك رحمة عبده.
وقيل : هو مضاف إلى الفاعل على الاتساع.
والمعنى : هذا إن ذكرت رحمة ربك ؛ فعلى الأول ينتصب عبده برحمة ، وعلى الثاني بذكر.
ويقرأ في الشاذ «ذكر» على الفعل الماضي ، ورحمة مفعول ، وعبده فاعل.
و (زَكَرِيَّا) : بدل على الوجهين من عبده. ويقرأ بتشديد الكاف ورحمة وعبده بالنصب ؛ أي هذا القرآن ذكّر النبيّ عليه الصلاة والسلام ، أو الأمّة.
٣ ـ و (إِذْ) : ظرف للرحمة ، أو لذكر.
٤ ـ (شَيْباً) : نصب على التمييز.
وقيل : هو مصدر في موضع الحال.
وقيل : هو منصوب على المصدر من معنى (اشْتَعَلَ) ؛ لأن معناه شاب.
و (بِدُعائِكَ) : مصدر مضاف إلى المفعول ؛ أي بدعائي إيّاك.
٥ ـ (خِفْتُ الْمَوالِيَ) : فيه حذف مضاف ؛ أي عدم الموالي ، أو جور الموالي.
ويقرأ : خفّت ـ بالتشديد وسكون التاء ، والموالي فاعل ؛ أي نقص عددهم.
والجمهور على المدّ وإثبات الياء في (وَرائِي).
ويقرأ بالقصر وفتح الياء ، وهو من قصر الممدود.
٦ ـ (يَرِثُنِي) : يقرأ بالجزم فيهما على الجواب ؛ أي إن يهب يرث ، وبالرفع فيهما على الصفة لوليّ ، وهو أقوى من الأولى ؛ لأنه سأل وليّا هذه صفته ، والجزم لا يحصل بهذا المعنى.
وقرئ شاذا يرثني وارث على أنه اسم فاعل.
و (رَضِيًّا) : أي مرضيا. وقيل راضيا ؛ ولام الكلمة واو ، وقد تقدّم.
٧ ـ و (سَمِيًّا) : فعيل بمعنى مساميا ، ولام الكلمة واو ، من سما يسمو.
٨ ـ (عِتِيًّا) : أصله عتوّ على فعول ، مثل قعود وجلوس ، إلا أنّهم استثقلوا توالي الضّمتين.
والواوين ، فكسروا التاء ، فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها ، ثم قلبت الواو التي هي لام ياء لسبق الاولى بالسكون.
ومنهم من يكسر العين اتباعا.
ويقرأ بفتحها ، على أنها مصدر على فعيل ، وكذلك بكيّ وصليّ ؛ وهو منصوب ببلغت ؛ أي بلغت العتيّ من الكبر ؛ أي من أجل الكبر ؛ ويجوز أن تكون حالا من عتىّ ، وأن تتعلّق ببلغت.
وقيل : «من» زائدة ، و «عتيا» مصدر مؤكد ، أو تمييز ، أو مصدر في موضع الحال من الفاعل.
٩ ـ (قالَ كَذلِكَ) : أي الأمر كذلك.
وقيل : هو في موضع نصب ، أي أفعل مثل ما طلبت ، وهو كناية عن مطلوبه.
١٠ ـ (سَوِيًّا) : حال من الفاعل في (تُكَلِّمَ).
١١ ـ (أَنْ سَبِّحُوا) : يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى أي.
١٢ ـ و (بِقُوَّةٍ) : مفعول ، أو حال.
١٣ ـ (وَحَناناً) : معطوف على (الْحُكْمَ) ؛ أي وهبنا له تحنّنا. وقيل : هو مصدر.
١٤ ـ (وَبَرًّا) ؛ أي وجعلناه برّا. وقيل : هو معطوف على خبر كان.
١٦ ـ (إِذِ انْتَبَذَتْ) : في «إذ» أربعة أوجه :
أحدها ـ أنها ظرف ، والعامل فيه محذوف ، تقديره : واذكر خبر مريم إذ انتبذت.
والثاني ـ أن تكون حالا من المضاف المحذوف.
والثالث ـ أن يكون منصوبا بفعل محذوف ؛ أي وبيّن إذ انتبذت ؛ فهو على كلام آخر ، كما قال سيبويه في قوله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) ، وهو في الظرف أقوى ، وإن كان مفعولا به.
والرابع ـ أن يكون بدلا من مريم بدل الاشتمال ؛ لأن الأحيان تشتمل على الجثث ، ذكره الزمخشري ؛ وهو بعيد ؛ لأنّ الزمان إذا لم يكن حالا من الجثّة ؛ ولا خبرا عنها ، ولا وصفا لها ، لم يكن بدلا منها.
وقيل : «إذ» بمعنى أن المصدرية ؛ كقولك : لا أكرمك إذ لم تكرمني ؛ أي لأنك لم تكرمني ؛ فعلى هذا يصحّ بدل الاشتمال ؛ أي : واذكر مريم انتباذها.
و (مَكاناً) : ظرف. وقيل : مفعول به على المعنى إذ أتت مكانا.
١٧ ـ (بَشَراً سَوِيًّا) : حال.
١٩ ـ (لِأَهَبَ) : يقرأ بالهمز ، وفيه وجهان :
أحدهما ـ أنّ الفاعل الله تعالى ، والتقدير : قال لأهب لك.
والثاني ـ الفاعل جبريل عليهالسلام ، وأضاف الفعل إليه لأنه سبب فيه.
ويقرأ بالياء ، وفيه وجهان :
أحدهما ـ أن أصلها الهمزة قلبت ياء للكسر قبلها تخفيفا.