١٣ ـ (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ) : هذا موضع اختلف فيه آراء النحاة ، وسبب ذلك أنّ اللام تعلّق الفعل الذي قبلها عن العمل إذا كان من أفعال القلوب ، ويدعو ليس منها. وهم في ذلك على طريقتين :
أحدهما ـ أن يكون «يدعو» غير عامل فيما بعده لا لفظا ولا تقديرا ، وفيه على هذا ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون تكريرا ل «يدعو» الأولى ، فلا يكون له معمول.
والثاني : أن يكون ذلك بمعنى الذي في موضع نصب بيدعو ؛ أي يدعو الذي هو الضلال ، ولكنه قدّم المفعول ، وهذا على قول من جعل ذا مع غير الاستفهام بمعنى الذي.
والثالث : أن يكون التقدير : ذلك هو الضلال البعيد يدعوه ؛ فذلك مبتدأ ، وهو مبتدأ ثان ، أو بدل ، أو عماد ، والضلال خبر المبتدأ ، ويدعو حال ؛ والتقدير : مدعوّا. وفيه ضعف.
هذه الأوجه الكلام بعده مستأنف ، و «من» مبتدأ ، والخبر (لَبِئْسَ الْمَوْلى). والطريق والثاني ـ أن «يدعو» متّصل بما بعده ، وفيه على هذا ثلاثة أوجه :
أحدها ـ أن يدعو يشبه أفعال القلوب ؛ لأن معناه : يسمى من ضرّه أقرب من نفعه إلها ، ولا يصدر ذلك إلا عن اعتقاد ، فكأنه قال يظنّ ، والأحسن أنّ تقديره يزعم ؛ لأنّ يزعم قول مع اعتقاد. والثاني ـ أن يكون يدعو بمعنى يقول ، ومن مبتدأ ؛ وضرّه مبتدأ ثان ، وأقرب خبره ؛ والجملة صلة «من» ، وخبر من محذوف تقديره : إله أو إلهي ، وموضع الجملة نصب بالقول ، و «لبئس» مستأنف ؛ لأنه لا يصحّ دخوله في الحكاية ؛ لأنّ الكفار لا يقولون عن أصنامهم لبئس المولى.
والوجه الثالث ـ قول الفرّاء : وهو أنّ التقدير : يدعو من لضرّه ؛ ثم قدم اللام على موضعها ، وهذا بعيد ؛ لأن «ما» في صلة الذي لا يتقدّم عليها.
١٥ ـ (مَنْ كانَ) : هو شرط ، والجواب فليمدد.
و (هَلْ يُذْهِبَنَ) : في موضع نصب ب «ينظر».
والجمهور على كسر اللام في «ليقطع». وقرئ بإسكانها على تشبيه «ثمّ» بالواو والفاء لكون الجميع عواطف.
١٦ ـ (وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي) ؛ أي وأنزلنا انّ الله يهدي ، أو التقدير : ذكر أنّ الله. ويجوز أن يكون التقدير : ولأنّ الله يهدي بالآيات من يشاء أنزلناها.
١٧ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) : خبر «إن» : إن الثانية واسمها وخبرها ، وهو قوله : (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ).
وقيل : «إن» الثانية تكرير للأولى.
وقيل : الخبر محذوف ، تقديره : مفترقون يوم القيامة أو نحو ذلك ، والمذكور تفسير له.
١٨ ـ (وَالدَّوَابُ) : يقرأ بتخفيف الباء ؛ وهو بعيد ، لأنه من الدبيب ، ووجهها أنه حذف الباء الأولى كراهية التضعيف والجمع بين الساكنين.
(وَكَثِيرٌ) : مبتدأ.
و (مِنَ النَّاسِ) : صفة له ، والخبر محذوف ؛ تقديره : مطيعون ، أو مثابون ، أو نحو ذلك.
ويدلّ على ذلك قوله : (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) ؛ والتقدير : وكثير منهم.
ولا يكون معطوفا على قوله : (مَنْ فِي السَّماواتِ) ؛ لأنّ الناس داخلون فيه.
وقيل : هو معطوف عليه ، وكرّر للتفصيل.
(مِنْ مُكْرِمٍ) : بكسر الراء. ويقرأ بفتح الراء ، وهو مصدر بمعنى الإكرام.
١٩ ـ (خَصْمانِ) : هو في الأصل مصدر ، وقد وصف به ، وأكثر الاستعمال توحيده : فمن ثنّاه وجمعه حمله على الصفات والأسماء.
و (اخْتَصَمُوا) : إنما جمع حملا على المعنى ؛ لأنّ كلّ خصم فريق فيه أشخاص.
(يُصَبُ) : جملة مستأنفة. ويجوز أن تكون خبرا ثانيا ، وأن تكون حالا من الضمير في لهم.
٢٠ ـ (يُصْهَرُ) ـ بالتخفيف. وقرئ بالتشديد للتكثير ، والجملة حال من الحميم.