واللام المشددة لا تكرير فيها ، فعند ذلك يذهب التكرير القائم مقام حرف.
ويقرأ «تغفر لكم» ، بالتاء على ما لم يسمّ فاعله. وبالياء كذلك ، لأنه فصل بين الفعل والفاعل ، ولأن تأنيث الخطايا غير حقيقي.
(خَطاياكُمْ) : هو جمع خطيئة ، وأصله عند الخليل : خطأئئ ـ بهمزتين ، الأولى منهما مكسورة ، وهي المنقلبة عن الياء الزائدة في خطيئة ، فهو مثل صحيفة وصحائف ، فاستثقل الجمع بين الهمزتين ، فنقلوا الهمزة الأولى إلى موضع الثانية ، فصار وزنه فعالئ. وإنما فعلوا ذلك لتصير المكسورة طرفا فتنقلب ياء فتصير فعالى ، ثم أبدلوا من كسرة الهمزة الأولى فتحة ، فانقلبت الياء بعدها ألفا ، كما قالوا في : يا لهفى ويا أسفى ؛ فصارت الهمزة بين ألفين ، فأبدل منها ياء ؛ لأن الهمزة قريبة من الألف ، فاستكرهوا اجتماع ثلاث ألفات ، فخطايا فعالى ، ففيها على هذا خمس تغييرات : تقديم اللام عن موضعها ، وإبدال الكسرة فتحة ، وإبدال الهمزة الأخيرة ياء ، ثم إبدالها ألفا ، ثم إبدال الهمزة التي هي لام ياء.
وقال سيبويه : أصلها خطائئ ، كقول الخليل ، إلا أنه أبدل الهمزة الثانية ياء لانكسار ما قبلها ، ثم أبدل من الكسرة فتحة فانقلبت الياء ألفا ، ثم أبدل الهمزة ياء ، فلا تحويل على مذهبه.
وقال الفراء : الواحدة خطية ، بتخفيف الهمزة والإدغام ، فهو مثل مطيّة ومطايا.
٥٩ ـ (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً) : في الكلام حذف تقديره : فبدّل الذين ظلموا بالذي قيل لهم قولا غير الذي قيل لهم ؛ فبدّل يتعدى إلى مفعول واحد بنفسه ، وإلى آخر بالباء ، والذي مع الباء يكون هو المتروك ، والذي بغير باء هو الموجود ، كقول أبي النجم :
وبدّلت والدّهر ذو تبدّل |
|
هيفا دبورا بالصبا واّمال |
فالذي انقطع عنها «الصبا» ، والذي صار لها «الهيف» ، فكذلك هاهنا.
ويجوز أن يكون «بدل» محمولا على المعنى ، تقديره : فقال الذين ظلموا قولا غير الذي ؛ لأن تبديل القول كان بقول.
(مِنَ السَّماءِ) : في موضع نصب متعلق بأنزلنا.
ويجوز أن يكون صفة لرجز ، فيتعلق بمحذوف.
والرجز ـ بكسر الراء وضمها لغتان.
(بِما كانُوا) : الباء بمعنى السبب ؛ أي عاقبناهم بسبب فسقهم.
٦٠ ـ (اسْتَسْقى) : الألف منقلبة عن ياء ، لأنه من السّقي.
وألف العصا من واو ؛ لأنّ تثنيتها عصوان ، وتقول : عصوت بالعصا ؛ أي ضربت بها. والتقدير : فضرب.
(فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ) : من العرب من يسكّن الشين ، ومنهم من يكسرها ، وقد قرئ بهما ، ومنهم من يفتحها.
(مُفْسِدِينَ) : حال مؤكدة ؛ لأن قوله : (لا تَعْثَوْا) : لا تفسدوا.
٦١ ـ (يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) : مفعول يخرج محذوف ، تقديره : شيئا مما تنبت الأرض.
و «ما» : بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، ولا تكون مصدرية ، لأن المفعول المقدّر لا يوصف بالإنبات ؛ لأن الإنبات مصدر ، والمحذوف جوهر.
(مِنْ بَقْلِها) : من هنا لبيان الجنس ، وموضعها نصب على الحال من الضمير المحذوف ، تقديره : مما تنبته الأرض كائنا من بقلها.
ويجوز أن يكون بدلا من «ما» الأولى بإعادة حرف الجر.
والقثّاء : بكسر القاف وضمها ـ لغتان ، وقد قرئ بهما ؛ والهمزة أصل ، لقولهم : أقثات الأرض ، واحدته قثّاءة.
(أَدْنى) : ألفه منقلبة عن واو ؛ لأنه من دنا يدنو ، إذا قرب. وله معنيان :
أحدهما ـ أن يكون المعنى ما تقرب قيمته لخساسته ويسهل تحصيله.
والثاني ـ أن يكون بمعنى القريب منكم : لكونه في الدنيا.
و (بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) : ما كان من امتثال أمر الله ؛ لأن نفعه متأخر إلى الآخرة.
وقيل الألف مبدلة من همزة ؛ لأنه مأخوذ من دنؤ يدنؤ فهو دنيء ، والمصدر الدّناءة ، وهو من الشيء الخسيس ، فأبدل الهمزة ألفا ، كما قال : «لا هناك المرتع». وقيل أصله أدون ، من الشيء الدّون ، فأخّر الواو فانقلبت ألفا ، فوزنه الآن أفلع.
(اهْبِطُوا) : الجيد كسر الباء ، والضم لغة ، وقد قرئ به.
(مِصْراً) : نكرة ، فلذلك انصرف.
والمعنى : اهبطوا بلدا من البلدان.
وقيل هو معرفة ، وصرف لسكون أوسطه ، وترك الصرف جائز ، وقد قرئ به ، وهو مثل هند ودعد ، والمصر في الأصل : هو الحدّ بين الشيئين.
(ما سَأَلْتُمْ) : «ما» في موضع نصب اسم إنّ ، وهي بمعنى الذي ، ويضعف أن تكون نكرة موصوفة.
(وَباؤُ) : الألف في باؤوا منقلبة عن واو ؛ لقولك في المستقبل : يبوء.
(بِغَضَبٍ) : في موضع الحال ؛ أي رجعوا مغضوبا عليهم.
(مِنَ اللهِ) : في موضع جر صفة لغضب.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) : ذلك مبتدأ ، و (بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ) الخبر ؛ والتقدير : ذلك الغضب مستحقّ بكفرهم.
(النَّبِيِّينَ) : أصل النبي الهمزة ؛ لأنه من النبأ ، وهو الخبر ؛ لأنه يخبر عن الله ، لكنه خفف بأن قلبت الهمزة ياء ، ثم أدغمت الياء الزائدة فيها.